في حكاية ۱ القائد عبد الرحمن بن عتّاب بمكّة بأنّه مخالف لما ذكره البلاذري ۲ أنّها وقعت باليمامة، و البلاذري أعرف بهذا الشأن؛ لأنّه من أهل السيرة. ۳ و من هذا الباب رجوع المسلمين إلى اليهود و النصارى في الطبّ و بناء بعض أحكام الشرع الجزئية على قولهم عند ظهور حذقهم، و كذلك علماء العامّة مع شدّة عنادهم و تعصّبهم يرجعون إلى علماء الخاصّة في اللغة كالخليل و ابن السكّيت و ابن دريد و ابن خالويه و غيرهم، مع أنّك قد عرفت أنّ هذا مستغنى عنه؛ لما مرَّ.
و عن الثاني أنّه من المعلوم أنّ الشيعة في زمن النبيّ و الأئمّة عليهم السلام في مدّة تقارب ثلاثمائة سنة و بعد الغيبة أيضا ما زالوا في غاية الحرص على رواية أحاديثهم عليهم السلام و تصحيحها، و قد علمنا أنّهم لم يرووا شيئا عن أمثال هؤلاء حتّى عرضوه على الأئمّة عليهم السلام أو على الأصول المجمع على صحّتها، أو دلّت على صحّة مضمونه القرائن الصحيحة، و كلّ ذلك معلوم من طريقة القدماء. و كلّ من طالع كتبهم و عرف أحوالهم و بحثهم عن الرواة لا يبقى عنده شكّ في ذلك؛ على أنّ كثيرا من أصحاب المذاهب الفاسدة قد أجمعوا على تصحيح ما يصح عنهم، و قد صرّح الشيخ في خطبة الفهرست بأنّ كثيرا من أصحاب الكتب و الأصول كانوا ينتحلون المذاهب الفاسدة و إن كانت كتبهم معتمدة. ۴
1.حكاية عبدالرحمان بن عتّاب هى ماذكره الشيخ المفيد (طاب ثراه) فى الجمل، ص ۳۶۴ بقوله: «قطعت يوم الجمل يد عبد الرحمن وفيها الخاتم فأخذه بشر فطرحه باليمامة فأخذه اهل اليمامة واقتلعوا حجره وكان ياقوتا فابتاعه رجل منهم بخمسمائة دينار فقدم به مكة فباعه بربح عظيم». وقال ابن أبى الحديد في شرح نهج البلاغة، ج ۱۱، ص ۱۲۴: «... وعبد الرحمان هذا هو الذى احتملت العقاب كفه يوم الجمل وفيها خاتمه فالقتها باليمامة فعرفت بخاتمه، وعلم اهل اليمامة بالوقعة».
2.أنساب الأشراف، ج ۱، ص ۴۶۵، القسم الرابع.
3.السرائر، ج ۱، ص ۱۶۷ ـ ۱۶۸: «قال شيخنا أبوجعفر الطوسى رحمه الله فى المسائل خلافه ]ج ۱، ص ۷۱۶، المسألة ۵۲۷]:... وأيضا رويأ أنّ طائرا أقلتْ يدا بمكّة من وقعة الجمل، فعرفت بالخاتم، وكانت يد عبد الرحمان عتاب بن أسيد، فغسلها أهل مكة وصلوا عليها.
قال محمد بن إدريس: الصحيح ، إن اليد أُلقيت باليمامة، ذكر ذلك البلاذري في تاريخه، وهو أعرف بهذا الشأن، وأسيد بفتح الألف وكسر السين».
4.فهرست الشيخ الطوسى، ص ۲.