أكثر الرواة و العلماء كانت لهم صناعات و تجارات ينتسبون إليها كالطاطري و الشعيري و الطيالسي و القلانسي و الصيرفي و غيرهم، و فيه ردّ على الصوفية؛ فإنّهم يمنعون من طلب الرزق.
و ثانيها: أن يكون نسبة إلى لبس الصوف، و لا يلزم كون اعتقادهم موافقا لاعتقاد الصوفية؛ إذ ذاك غير معهود في الشيعة أصلا، كما قلناه، و لذلك لا ترى منهم أحدا مذكورا في كتب رجال الشيعة.
و ثالثها: أن يكون نسبة إلى قبيلة، فقد قال صاحب الصحاح:
صوفة: أبو حيّ من مضر، و هو الغوث بن مرَّ بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر، كانوا يخدمون الكعبة في الجاهلية، و يجيزون الحاجّ، أي يفيضون بهم، و كان يقال في الحجّ: «أجيزي صوفة».
و منه قول الشاعر: «حتّى يقال: أجيزوا آل صوفانا». ۱ انتهى.
و نحوه في القاموس. ۲
و رابعها: أن يكون المذكورون صوفية بالمعنى المصطلح عليه المشهور الآن، و يكونوا من العامّة؛ إذ هؤلاء غير معروفين بتشيّع و لا تعديل، و كثيرا ما ۳ يروى عن ]ال [مخالفين في مثل تلك المواضع؛ لأنّ الغرض الاحتجاج عليهم، و لأنّ أكثرها مشتمل على أحكام معلومة لا يحتاج إلى نصّ كفضائل الأئمّة عليهم السلام و نحو ذلك.
و خامسها: أن يكونوا صوفية كذلك و يكونوا من الشيعة و هؤلاء شذّاذ مجاهيل، ]و [النادر لا حكم له، و لا يدلّ تصوّفهم ـ لو فرض ـ على صحّة التصوّف، و لا يمكن جعله سندا له. و هل هم على ذلك التقدير إلّا بمنزلة الواقفية و الفطحية و الزيدية و النصيرية.
و قد ذكرت بعض ما مرَّ لبعضهم، فأجاب بوجهين: أحدهما: أنّهم ينتسبون إلى أهل الصفّة لا إلى الصوفية؛ و الثاني: أنّ الانتساب لا حرج فيه، و لا مضايقة في مجرّد التسمية.
1.الصحاح، ص ۱۳۸۹، «صوف» وانظر تاج العروس، ج ۲۴، ص ۴۰، «صوف».
2.القاموس، ص ۱۰۷۱، «صوف».
3.فى المخطوطة: «وكثيرا ممّا».