شرح زيارة الحسين عليه ‏السلام - صفحه 407

الواجبات وأوجبها إذ بدونه صارت الواجبات هباءً منثورا ، وبه أصلحت ما فَسَدت ، وأجبرت ما كسرت ، وتممت ما نقصت ، وكفّرت ما تركت ، فيبدِّل اللّه سيّئاتهم حسنات بالصلاة على محمّد وآله صلّى اللّه عليه وآله ، فهي عائدة إليهم ، راجعة عليهم إذ هو بنفسه عند اللّه غنيّ بصلاة اللّه عليه وآله ، غير محتاج إلى ما سواه ، إلّا أنّه صلى الله عليه و آله يُباهي بهم يوم القيامة ولو بالسقط ويسرّه ذلك ، وسروره صادر منه راجع إليه صلى الله عليه و آله .
بالجملة ، فالصلاة من اللّه عليه أفضل من سلامه بلحاظ أنّ السلامة من الآفات لا تزيد فضيلة لذات الشخص وصعود إلى قرب الجوار ، بخلاف الصلاة فإنّها وضعت موضع المصدر الذي هو التصلية من باب التفعيل ، فاستعمل في الآيات القرآنيّة والأخبار في الرحمة ، إلّا في قوله سبحانه : «وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ»۱ فاستعمل في الغضب .
وأمّا الثلاثي المجرّد وباب الإفعال يستعملان في الغضب والتعذيب ، وباب الافتعال يستعمل في التسخّن بالنار ورفع البرودة كقوله : «لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ»۲ فهي من باب التفعيل من اللّه تعالى الرحمة ، ومن العبد طلب الرحمة منه سبحانه لنفسه أو لغيره من المؤمنين ، ويستعمل لعُلوّ رحمة اللّه على الخلق أجمعين ، وهي مخصوصة للمؤمنين من الأنبياء والأولياء والملائكة والصالحين من المؤمنين الذين آمنوا باللّه ورسله واليوم الآخر ، اُولئك عليهم صلواتٌ من ربّهم ورحمة .
فمن غرائب الاستعمال والسرّ الذي لأهل الأسرار في الأحوال صلوات اللّه سبحانه كما ورد في المعراج قول جبرئيل قال : «إنّ ربّك يصلّي» ۳ وأمر النبيّ صلى الله عليه و آله بالوضوء والصلاة ، فتوضّأ من بحر الصاد التي هي أعلى الدرجات ، وهي درجة التسعين من اُفق العبوديّة إلى أعلى درجات سماء الذي هو كنهها وهو الربوبيّة ، كما ورد في الأخبار : «العبوديّة جوهرة كنهها الربوبيّة» . ۴ فصلّى اللّه على العبد ، وصلّى العبد ، له لا عليه لأنّه

1.الواقعة (۵۶) : ۹۴ .

2.النمل (۲۷) : ۷ .

3.الكافي ، ج ۱ ، ص ۴۴۳ ، باب مولد النبيّ صلى الله عليه و آله ، ح ۱۳ ؛ بحارالأنوار ، ج ۱۸ ، ص ۳۰۶ ، ح ۱۳.

4.الصافي ، ج ۴ ، ص ۳۶۵ ، تفسير سورة فصّلت ؛ شرح أسماء الحسنى ، ج ۱ ، ص ۵.

صفحه از 455