شرح زيارة الحسين عليه ‏السلام - صفحه 409

شيء ، كزيد عدل ، فهو من اللّه إلى الخلق السلامة من مخالفة اللّه التي هي أصل العيوب في الشهادات والغيوب ، فهو اسم يوضع موضع المصدر الذي هو التسليم في الأغلب فيُقال : سلم سلاما ، ولا يُقال : تسليما في الأغلب ، كالصلاة التي توضع موضع التصلية ، فيُقال : صلّى صلاة ، ولا يُقال : صلّى تصلية .
بالجملة ، فالسلام من اللّه تعالى على العبد هو السلامة من الآلام والآفات التي منشأ المخالفة للّه تعالى ، فإذا جعل اللّه تعالى عبده معصوما من مخالفته سلّمه من الآفات كلّها ، وجعله متخلّقا بأخلاقه متأدِّبا بآدابه ، كما أخبر عن حال المعصومين بقوله : «عِبَادٌ مُكْرَمُونَ* لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ» ، 1 فجعل ما صدرَ منهم صادرا منه تعالى كما قال : «مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ» ، وقال : «وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى» ، وقال : «فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ» 2 .
فتسليمه تعالى لعبده توفيقه له عن المخالفة وحفظ له من الآفات كلّها ورحمته عليه ، وإنّما أتى ب«على» في الصلاة والسلام والرحمة لعلوّ ما من اللّه على الخلق أجمعين ، ومن الملائكة تزكيتهم وتأييدهم بالقول والفعل ، ومن العباد المؤمنين الاستدعاء والدعاء من اللّه تعالى ؛ لأنّه لايقدر على ذلك كلّه إلّا اللّه تعالى ، فذلك أداء لحقّ من استحقّ ، وشكر لإحسانه إليهم .
ولاريب أنّ إحسانه أحسن من جميع نِعَم اللّه على العبد ؛ لأنّ منه الهداية إلى النجاة الأبديّة ، وجميع النِّعم بدونها زائلة : «مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللّهِ بَاقٍ» 3 ، فقد منَّ اللّه تعالى على المؤمنين ببعثة الأنبياء والمرسلين وأوصيائهم المكرمين ، ولا يملكون إلّا دعاء لهم عليهم السلام ومسألة من اللّه تعالى أن يصلّي عليهم صلاة وأن يسلّم عليهم سلاما .
بالجملة ، ووصول الصلاة والسلام إليهم من قريب أو بعيد لكونهم صلوات اللّه عليهم شهداء اللّه على خلقه ، كما صرّح به اللّه تعالى في كتابه بقوله : «وَجَاهِدُوا فِي اللّهِ حَقَّ

1.الأنبياء (۲۱) : ۲۶.

2.الأنفال (۸) : ۱۷ .

3.النحل (۱۶) : ۹۶ .

صفحه از 455