شرح حديث زينب العطّارة - صفحه 517

جوهر ذات الشخص ، وكون المزج الثاني ناظرا إلى الفطرة الثّانية المكتسبة باختيار الشخص وإرادته وسعيه وكسبه علما وحالاً وعملاً ، الّذي هو مناط الكفر والإيمان وملاك الحقّ والبطلان ؛ كما قال عزّ من قائل : «لَّيْسَ لِلْاءِنسَـنِ إِلَا مَا سَعَى»۱ وقال سبحانه : «قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ»۲ أي على نيّته وداعيته، ومن هنا قال تعالى في قضية ابن نوح عليه السلام : «إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ»۳ وقد يعبّر عن هذه الفطرة الثانية المكتسبة في حق المؤمن بالولادة الثانية ، كما قال روح اللّه المقدّس عليه السلام / ب 20 / لم۴يلجْ ملكوتَ السماوات مَن لم يولد مرّتين .۵
وعلى هذا المنال الأظهر الألصق بكون معنى مزجهما بالماء الأوّل والماء الثاني مزج الطينتين الذاتيتين الاُوليين . الأصليتين بماء الصّالحات والمصلحات والمفسدات التي هي كلّها معدّات وإعدادات وإمدادات وإخراجات للمادة الطينية الأصلية من كتم القوة الإمكانية إلى فضاء الوجود والفعلية المزجيّة علما واعتقادا وحالاً وعملاً ، وبذلك الإعداد والإخراج المزجيين يتكوّن الفطرة الثانية المكتسبة التي هي ملاك السّعادة والشقاوة .
وتتمّة الحديث لظهور معناه مستغنية عن الترجمة ، فليرجع إلى ما كنّا فيه من بيان هذا التقابل بين العقل بجنوده وبين الجهل بجنوده ، وبيان ما يتعلّق به سرائر أحواله ولطائف حكم أسراره على وجه الاختصار. وقد فرغنا من بيان الكيفية ، وبقي ما يتعلّق بالحكمة فيه ، ولنصرف عنان البيان إليه بقدر الكفاية على نحو الاقتصار .

حكمة غائية [خلقة الأشقياء توجب عمارة العالَم]

إنّ من قيمة النظام التام التمام المسمّى بالعالم الحاكي عن النظام الحقّ الحقيقي المسمّى بـ « فوق التمام لنظام الدنيا التي هي البُلغة إلى الآخرة ولقد قالت أئمّة الحكمة

1.النجم (۵۳): ۳۹ .

2.اسراء (۱۷): ۸۴.

3.هود (۱۱): ۴۶ .

4.هكذا في النسخ / في المصادر : لن .

5.اثنا عشر رسالة ، ج ۸ ، ص ۹۲ .

صفحه از 618