شرح حديث زينب العطّارة - صفحه 534

وهذا البيان منه عليه السلام إنّما هو شرح حال نفسه عليه السلام الكلية الإلهية في القوس الصّعودي والسير والسّلوك العروجي منه عليه السلام إلى اللّه تعالى وهي بحسب هذا السّير العروجي الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت ۱ أي ضارب عروقها في الأرض وفروعها في السّماء أي في السماء ۲ ، بل العرش أيضا ، فضلاً عن سائر السماوات السّبع فيحاذيها وتقابلها الشجرة الخبيثة التي اجتثّت من فوق الأرض وما لها من قرار ، أي تلك الخبيثة المخبّثة لمّا كانت حقيقتها حقيقة الدنيا بما هي دنيا ودار فناء لا يتصوّر لها قرار وثبات في دار النار ودار البوار ؛ كما قال تعالى : «كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا [غَيْرَهَا] لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ»۳ وعدم قرار تلك الكلمة الخبيثة وعدم ثباتها ودثورها وزوالها تحاذي وتقابل تلك الكلمة الكلية اللاهوتية وقرارها وطمأنينتها واطمينانها ۴ ؛ أخبر عنها سبحانه بقوله «يَـأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ»۵ .
وإخلاد تلك الخبيثة التي هي الكلمة السفلى إلى حضيض أرض الظلمة وهاوية الهلكة تحاذي وتقابل رجوع تلك الكلمة الطيبة كلمة اللّه العليا وعروجها إلى ذروة ذرى الحقائق حقيقة حقائق الأشياء كلّها ؛ كما مرّت الإشارة إليه في حديث العسكري عليه السلام / الف 30 / حيث قال : قد صعدنا ذرى الحقائق بأقدام النبوة والولاية ۶ أي بقدم ۷ الشريعة والطريقة وبالسّلوك ظهرا وبطنا .
وإباء تلك النفس الخبيثة وامتناعها واستنكافها عن فعل ما يرضى المولى تعالى به عن العبد ـ وعن الرّضا بما يفعل المولى جلّ وعلا ، وعن التسليم لأمره الأعلى ولقضائه وقدره كما يشاء ، تحاذي وتقابل رضا تلك النفس الطيبة الإلهيّة بقضاء ربّه الأعلى وقدره تعالى وتسليمها ۸ لأمر مولاها وفعلها ما يرضى به المولى عنها ؛ فإنّ روح معنى العبودية هو فعل ما يرضى به المولى عن العبد، والرّضا بما يفعل المولى فيالعبد وفي

1.اقتباس من كريمة إبراهيم (۱۴)، الآية ۲۴ .

2.م : سماء .

3.النساء (۴): ۵۶ .

4.ح : - واطمينانها .

5.الفجر (۸۹): ۲۷ .

6.بحار الأنوار، ج۲۶ ، ص ۲۶۵ .

7.م و ح : يقدم .

8.م : تسليما .

صفحه از 618