شرح حديث زينب العطّارة - صفحه 595

قال سبحانه «وَ [كَانَ ]عَرْشُهُ عَلَى الْمَآءِ»۱ إلى هذه الأركان والأنوار العرشية في تقوّمه وقوامه .
وأمّا ذلك الجزء الآخر الخارج عن قوام عالم الخلق بما هو خلق والمحجوب عنهم من حيث هم خلق اللّه هو خارج عن هذه الأركان العرشية وفائق عليها ، وهي الماء الكائن عرشه عليه وكلمة ۲ اللّه التامة الجامعة المسمّاة بالحقيقة المحمّدية ، فهو عالم الحق والأمر الّذي خلق منه عالم الخلق ويندكّ عالم الخلق من حيث هو خلق ، ويكون مستهلكا فيه ومضمحلّاً عنده ، كما يندكّ ويضمحلّ إنيّة الحمد في الماء المحيط المحيل لإنيّته وأنانيته إلى نفسه ، وفي هذه الاستحالة والإحالة سرّ حجبه عنهم؛ فإنّه لو كشفت سبحات وجهه ـ جل جلاله ـ لأحرقت واحترقت سماوات الروحانيات بأرض الجسمانيات كلّها ، وما بقيت لها عين ولا أثر ؛ كما ورد في صريح الخبر ، فذلك الأمر الإلهي مع كونه إبداعا لكليّة عالم الخلق وإنشاءً وإيجادا / الف 64 / لها يكون إعداما وإفناءً لها من جهة واحدة ؛ كيف لا !؟ وهو شأنه تعالى وشأنه ـ جلّ وعلا ـ يجمع بين الأضداد من جهة واحدة كما مرّ غير مرّة .
وبالجملة فلمّا كان ذلك الجزء الآخر الأمري خارجا عن قوام الخلق غير داخل في القوام الخلقي حجب واحتجب عنهم وارتفع مقامه عن أن يتقوّم به قوام عالم الخلق تقوّما ركنيا ، وتمنع مكانه عن أن يتجوهر العالم به تجوهرا تركيبيا ، كيف وهو صنعه وشأنه تعالى شأنه عن أن يتركّب منه الأشياء ويصير جزءا من أجزائها!؟ فمَن جزّأهُ فقد قرنه ، ومن قرنه فقد خلّى منه ۳ ولم يخلُ منه مكان طرفة عين أبدا «أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَىْ ءٍ مُّحِيطُ»۴ والإحاطة هي مقام صنعه وشأنه تعالى شأنه ، ورحمته التي وسعت كلّ شيء .

1.هود (۱۱): ۷ .

2.م : كلمات .

3.اقتباس من نهج البلاغة الخطبة ۱ : ومن قرنه فقد ثنّاه ومن ثنّاه فقد جزّأه... فقد أخلى منه .

4.فصلت (۴۱): ۵۴ .

صفحه از 618