[ كلام التسترى والردّ عليه ]
إذا تمهّد ماتقدّم فنقول : إنّه قال الفاضل التسترى فى حاشية المنهج : ۱ محمّد بن أبى عبد اللّه ـ الذى يروى عنه الكلينى ـ اسمه محمّد بن جعفر بن عون الأسدى ، أخذت ذلك من ملاحظة حديثين فى الكافى ، أحدهما فى باب إطلاق القول بأنّه شى ء ، ۲ والآخَر فى باب حدوث العالَم وإثبات المحدث ، ۳ ومن كلام النجاشى أيضاً .
أقول : إنّ مقصوده بالحديث المروى فى باب إطلاق القول بأنّه شى ء : هو الرواية الثانية من الروايات المتقدّمة صدر العنوان .
ومقصوده بالحديث المروى فى باب حدوث العالَم وإثبات المحدث : هو مارواه الكلينى عن محمّد بن جعفر الأسدى عن محمّد بن إسماعيل البرمكى كما مرّ .
والظاهر أنّ الغرض الاستنادُ إلى مجموع الحديثين من قبيل دلالة الإشارة ، لا إلى كلّ واحدٍ من الحديثين ؛ لعدم دلالة كلّ واحدٍ على المطلوب .
وتقريب دلالة المجموع على المطلوب : أنّ الظاهر من اتّحاد المرويّ عنه ـ أعني محمّد بن إسماعيل البرمكى ـ واختلاف التعبير عن والد الراوى بالاسم والكنية اتّحاد الوالد ، فالظاهر اتّحاد الراوى ، فمقتضاه كون محمّد بن أبى عبد اللّه هو محمّد بن جعفر الأسدى والظاهر أنّ محمّد بن جعفر الأسدى هو محمّد بن جعفر بن عون الأسدى المعنون فى الرجال المتقدّم ذكره .
ولَيْتَه أضاف إلى الحديثين : الحديثَ المرويّ في الكافي في باب الحركة والانتقال ؛ ۴ لانطباقه مع الحديث المروى فى الكافى فى باب إطلاق القول بأنّه شى ء . ۵
ومقصوده من كلام النجاشى هو مالفظه ـ كما تقدّم ۶ ـ :
محمّد بن جعفر بن عون الأسدى أبو الحسن الكوفى ، ساكن الرى ، يقال له : محمّد بن أبى عبد اللّه ، كان ثقةً ، صحيحَ الحديث ، إلّا أنّه روى عن الضعفاء ، وكان يقول بالجبر والتشبيه ، وكان أبوه وجهاً ، روى عنه أحمد بن محمّد بن عيسى ، له كتاب الجبر والاستطاعة ، أخبرنا أبو العبّاس بن نوح قال : حدّثنا محمّد بن جعفر الأسدى بجميع كتبه . ۷
بملاحظة تصريح النجاشى باتّحاد محمّد بن أبى عبد اللّه ومحمّد بن جعفر بن عون الأسدى .
لكنّه يشكل بأنّ مقتضى العبارة المذكورة أنّ أحمد بن محمّد بن عيسى روى عن محمّد بن جعفر بن عون الأسدى ، فمحمّد بن جعفربن عون الأسدى مقدَّمٌ طبقةً على أحمد بن محمّد بن عيسى ، وهو مقدَّم على الكلينى بواسطةٍ ، كما يشهد رواية الكلينى عنه بتوسّط العدّة ، ۸ فرواية الكلينى عن محمّد بن جعفر بن عون الأسدى بعيدة .
إلّا أنّه يندفع بأنّه وإن كان الظاهر ـ مضافاً إلى أنّ الغالب عدم التعريض لحال شخصٍ فى ترجمة شخصٍ آخَرٍ ـ رجوع المتعلّقات المذكورة فى كلام أيّ متكلّمٍ كان إلى المقصود بالأصالة ، لاالمذكور بالتبع ، فالظاهر رجوع التوثيق إلى الشخص المعنون المقصود بالأصالة من العنوان .
وقد استوفينا موارد تردّد التوثيق وأمثاله بين الرجوع إلى الشخص المعنون المقصود بالأصالة وغيره المذكور بالتبع فى الرسالة المعمولة فى «ثقة» وحرّرنا الكلام فى رجوع التوثيق ونحوه إلى الشخص المعنون المقصود بالأصالة .
لكن لو شهد القرينة بالرجوع إلى المذكور بالتبع ـ كما فى المقام بملاحظة قوله : «قال : حدّثنا محمّد بن جعفر الأسدى بجميع كتبه» ـ لابدّ من البناء على ذلك والمصير إليه ، كيف ! وربما كان التوثيق فى بعض التراجم مختصّاً بالمذكور بالتبع ، وكانت الترجمة خاليةً عن التعرّض لحال الشخص المقصود بالأصالة من العنوان ، كما فى قول النجاشى : «الحسين بن القاسم بن محمّد بن أيّوب بن شمّون ، أبو عبد اللّه ، الكاتب ، وكان أبوه القاسم من جِلّة ۹ أصحابنا . ۱۰
ويرشد إلى ذلك أنّ العلّامة فى الخلاصة مع ذِكْرِه الكلامَ المذكور فى ترجمة الولد ذَكَر فى ترجمة الوالد أنّه روى عنه أحمد بن محمّد بن عيسى . ۱۱
بل قال بعض الأعلام : إنّ كون الضمير المجرور راجعاً إلى الأب مقطوع به عند مَنْ له تتبّعٌ فى الأخبار .
ونظير ذلك قول النجاشى فى ترجمة الحسين بن محمّد بن يوسف الوزير : «واُمّه فاطمة بنت أبى عبد اللّه محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعمانى شيخنا صاحب كتاب الغيبة» . ۱۲
حيث إنّ قوله : «شيخنا» لامجال لعوده إلى الحسين المقصود بالأصالة من العنوان ، بل الظاهر عوده إلى جعفر ، كما أنّ الظاهر عود النعمانى إليه ، لكنّه عائد إلى محمّد بن إبراهيم بشهادة عدّ كتاب الغيبة من كتبه فى الترجمة المعقودة له . ۱۳ وإن أمكن القول بأنّ قولَه : «واُمّه» إلى الآخِر مستأنفٌ ، والمقصود بالأصالة فى هذا الباب هو محمّد بن إبراهيم من باب تعريف فاطمة ، فالعود إلى محمّد جارٍ على مايقتضيه الظاهر ، فلاإشكال فى المقام ، بل ليس شدّة بُعْدٍ فى رواية شخصٍ عن شخصٍ بلاواسطة ومع الواسطة .
ويمكن أن يقال : إنّ الإسناد إلى الكلام المذكور من النجاشى إنّما يتّجه لو كان محمّد بن أبى عبد اللّه منحصرا فى محمّد بن جعفر ، وأمّا لو كان محمّد بن أبى عبد اللّه يطلق على غير محمّد بن جعفر أيضاً ، فلامجال للحكم باتّحاد محمّد بن أبى عبد اللّه مع محمّد بن جعفر بن عون الأسدى .
والشيخ قد عنون فى الفهرست محمّد بن جعفر ثمّ ، عنون محمّد بن أبى عبد اللّه . ۱۴ ومقتضى تعدّد العنوان تعدّد المعنون .
لكن نقول : إنّ دلالة تعدّد العنوان ـ فى كلام الشيخ ـ على تعدّد المعنون محلّ الإشكال ؛ لكثرة اتّفاق تعدّد العنوان منه فى الرجال مع اتّحاد المعنون ، كما يرشد إليه ماذكره السيّد السند التفرشى فى ترجمة القاسم بن محمّد الجوهرى من أنّ الشيخ فى الرجال قد ذكر كثيراً من الرجال تارة فى باب مَنْ يروى ، واُخرى فى باب مَنْ لم يرو ، وعدّ جماعةً . ۱۵
وذكر تلك المقالة أيضاً فى ترجمة معاوية بن حكيم ، ۱۶ والحسين بن اشكيب ، ۱۷ وريّان بن الصلت . ۱۸
وذكر فى ترجمة عبد الحميد بن سعد : أنّ ذكر المتّحد مرّتين كثيرٌ فى كلام الشيخ فى الرجال مع جزمنا بالاتّحاد . ۱۹
وذكر فى ترجمة إبراهيم بن عبد الحميد : أنّ تعدّد العنوان فى كلام الشيخ فى الرجال كثير ، مع عدم التعدّد يقيناً ، كما يظهر من أدنى تتبّع . ۲۰
إلّا أن يقال : إنّ اتّفاق تعدّد العنوان المتّحد فى الرجال ولاسيّما على تقدير الاختصاص بتكرار المعنون فى أصحاب الأئمّة فى باب مَنْ لم يرو لايوجب سقوط دلالة تعدّد العنوان فى الفهرست على تعدّد المعنون .
ومع ذلك نقول : إنّ محمّد بن أبى عبد اللّه المذكور فى كلام النجاشى غير محتمل لمحمّد بن أبى عبد اللّه المعنون بعد عنوان محمّد بن جعفر فى كلام الشيخ فى الفهرست ، حيث إنّ الشيخ بعد أن عنون محمّد بن أبى عبد اللّه عنون رجلين آخَرين ، فقال : رويناها كلّها بهذا الإسناد عن حُمَيد عن أبى إسحاق إبراهيم بن سليمان بن حيّان الخزّاز عنهم . ۲۱
والمقصود بالإسناد المشار إليه هو جماعة عن أبى المفضّل المذكور قبل ذلك .
1.حاشية المنهج للفاضل التسترى مخطوط .
2.الكافى، ج ۱ ، ص ۸۲ ، ح ۲ ، باب إطلاق القول بأنّه شى ء .
3.الكافى، ج ۱ ، ص ۷۸ ، ح ۳ ، باب حدوث العالَم .
4.الكافي، ج ۱ ، ص ۱۲۵ ، باب الحركة والانتقال .
5.الكافى، ج ۱ ، ص ۸۲ ، ح ۲ ، باب إطلاق القول بأنّه شى ء .
6.تقدّم فى ص ۴۰۷ .
7.رجال النجاشى ، ص ۳۷۳ ، ش ۱۰۲۰ .
8.الكافى، ج ۱ ، ص ۳۲ ، ح ۲ ، وص ۳۳ ، ح ۵ ، باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء .
9.قوله : من جلّة أصحابنا ، الجلّة بالكسر جمع الجليل كالأجلّة ، قال فى القاموس : فهو جليل من جلّة . ومزيد الكلام موكول إلى ما حرّرناه فى بعض الفوائد المرسومة فى الرسالة المعمولة فى رواية الكلينى عن أبى ...(منه) . ومكان النقاط مخروم فى الأصل .
10.رجال النجاشى ، ص ۶۶ ، ش ۱۵۷ .
11.خلاصة الأقوال ، ص ۳۳ ، ش ۲۵ ، و ص۱۶۰ ، ش ۱۴۵ .
12.رجال النجاشى ، ص ۶۹ ، ش ۱۶۷ .
13.رجال النجاشى ، ص ۳۸۳ ، ش ۱۰۴۳ .
14.الفهرست ، ص ۱۵۱ ، ش ۶۴۶ و ص ۱۵۳ ، ش ۶۷۰ .
15.نقد الرجال، ج ۴ ، ص ۴۵ ، ش ۴۱۹۶ ، ش ۳۶ .
16.نقد الرجال، ج ۴ ، ص ۳۸۶ ، ش ۵۳۲۴ / ۴ .
17.نقد الرجال، ج ۲ ، ص ۷۹ ، ش ۱۴۱۸ / ۲۲ .
18.نقد الرجال، ج ۲ ، ص ۲۴۹ ، ش ۲۰۰۸ / ۲ .
19.نقد الرجال، ج ۳ ، ص ۳۵ ، ش ۲۸۱۰ / ۸ .
20.نقد الرجال، ج ۱ ، ص ۷۱ ، ش ۹۷ / ۶۹ .
21.الفهرست ، ص ۱۵۳ ، ش ۶۷۴ ، ولايخفى أنّه ذكر ذلك بعد عنوان أربع رجال .