نظرية المعرفة عند الإمامية مرويات «الكافي» مستندا - صفحه 248

العزيز ، ويجعل البرهان والبيان والوجدان ثلاثة مسالك للوصول إلى الحقيقة ۱ ، فهو عليه السلام يقول :
يا هشام، إنّ اللّه تبارك وتعالى أكمل للناس الحجج بالعقول ، ونصر النبيّين بالبيان، ودلّهم على ربوبيته بالأدلّة۲.
ثمّ ساق معها الإمام عليه السلام الآيتين 163 و 164 من سورة البقرة ، وقد جعل الإمام عليه السلام العقل بمصاف الرسل، فجعله الحجّة الباطنة ، أي قسيم الحجّة الظاهرة وهي الأنبياء والرسل والمعجزات .

المبحث الثاني : إمكان المعرفة

من أوائل ما يطرحه العقل من أسئلة أساسية : هل المعرفة متاحة؟ وهل بإمكان العقل البشري حيازة المعرفة ؟ وهل يمكن فهم التحوّلات من المجهول إلى المعلوم . . . ؟ هذه المباحث يجمعها عنوان (إمكان المعرفة) .
بدءا لابدّ من التفريق بين الإمكان الكلّي والإمكان النسبي ، فالإمكان الكلّي ؛ أي التصوّر بأنّ الإنسان بإمكانه أن يحيط بالعلم بما يمكنه التوصّل إلى الحقيقية المطلقة .
والإمكان النسبي ؛ هو قدرة الإنسان على إدراك ما يمكن إدراكه بحسب القدرات والمستوى المتاح من المعرفة مع اعتبار قيد الزمان والمكان ، وبالعبور السريع على هذا الخلاف ـ لعدم حاجة البحث له ـ نقول : إنّ الإمكان بالمعنى الأعمّ هو رأي العلماء جميعا .
فطالما أنّ المعرفة ممكنة ، فهل الإنسان المسلم مخيّر بين اكتسابها ، أو عدم اكتساب المعرفة من جهة الحكم التكليفي ؟ وبالمتابعة نجد أنّ موقف الإسلام ، بل موقف مذهب أهل البيت عليهم السلام ، أنّ العلم فرض ، والفرض إمّا فرض اجتماعي (يأخذ

1.انظر : حلقات نقد العقل العربي لشروع الجابري ، البنية والتكوين ، نقد العقل السياسي .

2.أُصول الكافي : ج ۱ ص ۵ ح ۱۲ .

صفحه از 261