نظرية المعرفة عند الإمامية مرويات «الكافي» مستندا - صفحه 249

صفة كفائية) ، أو فرض على الأفراد بحيث الكلّ مطالبون باكتساب المعرفة ، (بما يُعرف بالوجوب العيني) ، ومن اعتبار قاعدة أن «لا تكليف إلّا بمستطاع» ، فإنّ مجرّد التكليف يقتضي القول بأنّ المعرفة متاحة ، وأنّ العقل البشري يمكنه حيازتها وفهم تحوّلاتها .
فالإمام الصادق عليه السلام يروي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «إنّ طلب العلم فريضة على كلّ مسلم»۱ ، وعنه عليه السلام : «طلب العلم فريضة» ، والحديثان ليس فيهما دلالة على الوجوب الكفائي ، بل الدلالة ناطقة بالأعمّ ، لكن بالاستعانة بما رواه يونس بن عبد الرحمن عن بعض أصحابه أنّ الإمام الكاظم عليه السلام سُئل : «هل يَسَع الناس ترك المسألة عمّا يحتاجون إليه ؟ قال عليه السلام : لا » ، فإنّ ذلك يكشف وجوب المتابعة، بل وجوب المقدّمة تبعاً لذيّها .
إذن، فعدم السعة (الحظر) يرد على الإعراض عن معرفة نحتاجها أفرادا ، أو مجتمعات، فلابدّ من اكتسابها ، لذلك يمكن القول إنّ ما يحتاجه الفرد من أحكام فقهية وأحكام التعاملات الخاصّة بمهنته وأحكام العلاقة بينه وبين الدولة حقوقه وواجباته، كلّها في دائرة الفرض على أضيق نطاق ، ولأجله حكم الفقهاء أنّ ما يلزم أن يُعرف من فقه التكليف يعدّ من جنس الواجب .
وقد ألحقت به قضية التفقّه بالدين ، لتضيّق النطاق (نطاق طلب المعرفة) من مجال المعرفة العامّة إلى المعرفة الدينية بالمعنى الأخصّ ، والدليل على ذلك أنّ الرواية ربطت بين العلم وبين استخدام العلم، بحيث اعتُبر جهله مضرّا وعلمه نافعا ۲ ، فيرد الحديث :
إنّ العلم آية محكمة ، أو فريضة عادلة ، أو سُنّة قائمة ، وما خلاهنّ فهو فضل .
ولعلّك تفهم من مصطلح «آية محكمة» بناءً على أنّ لفظ آية يرد بمعنى البرهان

1.المصدر السابق : ص ۱۶ ح ۱ .

2.انظر رواية إبراهيم بن عبد الحميد عن الكاظم ( الكافي : ح ۱۷ ).

صفحه از 261