نظرية المعرفة عند الإمامية مرويات «الكافي» مستندا - صفحه 252

أمّا الغاية النهائية ؛ فمن غاية كمال الإنسان وسموّ المرتبة التي يصل إليها وفق حياة كريمة يعيشها، يتحقّق مفهوم عبادة اللّه ، وهي غاية الخلق ونهاية مقاصد الخليقة والتكوين؛ لقوله تعالى : «وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْاءِنسَ إِلَا لِيَعْبُدُونِ»۱ .
بينما غاية المعرفة في التصوّر الغربي الحديث أنّ المعرفة وسيلة لتحقيق مفهوم القوّة والغلبة ، بمعزل عن القيم الموجّهة لهذه القوّة وقهر الطبيعة، وكأنّ العلاقة الموسومة بين الإنسان والطبيعة علاقة صراع ، وتتأسّس غائيات المعرفة في الفكر الغربي على تسيّد الإنسان على الكون ، حيث تهدف إلى جعل مركزية الإنسان محورا للفعاليات الطبيعية والاجتماعية، وهذا النمط من التصوّر يسبّب مأزقا في الذات الحضارية للتصوّر الغربي .
في حين أنّ التصوّر الإسلامي يقرّر أنّ اللّه هو سيّد الكون، والإنسان خليفة ذلك السيّد الأوحد الأحد المطلق ، فالإنسان ليس سيّد الكون ، إنّما السيّد في الكون هو اللّه ، والمنظومة التوحيدية تقوم على وضوح المركز القانوني لكلّ من اللّه والإنسان ، فاللّه الموحي والمفيض للمعرفة ، والإنسان هو الذي يتلقّى الوحي أو يسترشد به .
فقد روى الإمام الكاظم عن جدّه أمير المؤمنين صلوات اللّه وسلامه عليهما قوله :
ما عُبِد اللّه بشيءٍ أفضل من العقل۲.
ومنه يُستفاد أنّ استخدام العقلانية ليس في مجال ضبط المعرفيات فقط ، إنّما في عموم التعامل مع الأشياء ، والأفكار تعدّ عبادة ثمينة ونفيسة .

المبحث الرابع : مصادر المعرفة

يعدّ هذا المفصل من أكثر مفاصل نظرية المعرفة تعقيداً ؛ ذلك لأنّ ماهية المعرفة ومسالكها تحدّدها مصادرها ومرجعياتها، فكيف نحدّد مرجعية المعرفة في التصوّر

1.الذاريات : ۵۶ .

2.الكافي : ج ۱ ص ۱۰.

صفحه از 261