نظرية المعرفة عند الإمامية مرويات «الكافي» مستندا - صفحه 253

الإسلامي استناداً إلى مرويات أهل البيت عليهم السلام في الكافي .
لقد تقدّم أنّ نزاعا قديما حول مراجع المعرفة ومصادرها . . . هل العقل أو الحسّ (الملاحظة والتجربة)، أم الحدس والكشف ، وقد خضع هذا النزاع لمقتضى تقدّم المناهج العلمية وتطوّر نظريات نقد المعرفة، فسلّم جمعٌ من العلماء بأنّ القدر المتيقّن من المعقولات تعمل في مجال المعرفة الأوّلية التي تسبق التجربة ، وسلّم العقليّون أنّ المعارف التي يتمّ اكتسابها عن طريق التجربة (معرفة بعدية)، وهي الأُخرى تحتاج للعقل لكي يطبّق عليها الاستقراء والقياس.
لكنّ الموقف النقدي الراجح نظرية حتمية المرجعية الواحدة للمعرفة ۱ ، كما هو اختيار مرحلة قرون النهضة الأورپّية (البيكونية) التي حصرت المعرفة بالتجربة ۲ ، ويرفض ما ظهر في حضارة الهند وما بنت عليه المسيحية ما سُمّي بمفهوم الاعتقاد [htiaf]، (وهو فعل أو عزم يعقد المرء النيّة على أن يقبله كشيء صادق) .
أمّا منهج العترة من آل البيت عليهم السلام في مراجع المعرفة ، فإنّهم يصرّون أنّ أوّل المرجعيات وأكثرها اتّساعا وحي اللّه تعالى للبشر، ثمّ إنارة المعصومين ، ثمّ الحجّة الباطنة (العقل) ، ولا مانع من أن تكون الملاحظة والتجريب رافدا من روافد المعرفة ، ومن نعم اللّه علينا أنّ العلم مرتبط بمعيار مهمّ، وهو ألّا يصطدم الفكر مع حقيقة نقلية ، أو قاعدة عقلية قاطعة .
والوحي في التوصيف الإسلامي مرجعا معرفيا يتميّز عن البقية من مراجع أو مصادر المعرفة بأنّه يحتوى على إدراك الحقيقة المطلقة، أي أنّه يعلم الأشياء على حقيقتها، فإنّه «لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِـلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لَا مِنْ خَلْفِهِ»۳ ، وإنّه يقدّم معارف متنوّعة ، فهو قادر على أن يقدّم المعرفة منفردا عن كلّ المصادر . وأخيرا ، فإنّه يحوى الأخبار

1.انظر : منطق البحث العلمي : ص ۶۳ .

2.انظر : مدخل إلى فلسفة العلوم : ص ۲۳۷ .

3.فصّلت : ۴۲ .

صفحه از 261