نظرية المعرفة عند الإمامية مرويات «الكافي» مستندا - صفحه 254

عن الغيب أو الشهود ، وإدراك جوهر القوانين الكونية والسنن الحاكمة على الوجود برمته .
إنّنا هنا مضطرّون لإثارة قضية حصل فيها التباس تاريخي ، وهي ظهور موجة حسّية في مطلع القرن الحادي عشر الهجري على يد الإسترآبادي ، فقد قلّل من دور المنطق المعياري ، وتوقّف على مداليل الأخبار المتغيّرة بتغيّر العقل الذي يتعاطاها، فضلاً عن معايير صحّة السند ومتانة المضمون ، لكنّ الإسترآبادي يقطع بصحّتهما معاً قبل تطرّق الاحتمال إلى البحث .
إنّ اتّهام التفكير الأخباري بأنّه يتبنّى اتّجاهاً حسّياً في المعرفة، أمر يحتاج إلى وقفة ؛ ذلك لأنّهم يعتقدون أنّ الإنسان مزوّد بمعرفة إلهامية نابعة من صميمه ، ممّا نتج عنها معرفة ذات طابع إشرافي لم تُسبق بمعرفة قبلية ، إنّها من صنع اللّه . لذلك يقول الإسترآبادي :
إنّ التصديقات الصادقة فائضة على القلوب من اللّه تعالى بلا واسطة . . . ۱ .
وينتقد عدد من الباحثين ، أنّ هذا التفكير يستبطن تناقضاً، كونه قد شجب العقل من ناحية ليخلو ميدان التشريع والفقه للبيان الشرعي، وظلّ متمسّكاً به لإثبات الصانع ۲ .
عن أبن الطيّار، عن الصادق عليه السلام ، قال :
إنّ اللّه احتجّ على الناس بما آتاهم وعرّفهم۳.
عن محمّد بن حكيم، قال :
قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : المعرفة . . . مِن صنع مَن هي ؟ قال عليه السلام : مِن صنع اللّه ، ليس للعباد فيها شيء .

1.انظر : الفوائد المدنية : ص ۱۲۱ .

2.المعالم الجديدة لمحمّد باقر الصدر : ص ۴۳ ـ ۴۴ .

3.الكافي : ج ۱ ص ۹۳ .

صفحه از 261