نظرية المعرفة عند الإمامية مرويات «الكافي» مستندا - صفحه 256

ومعيار المعرفة ، فإنّ العقل هو الوعاء الذي يتلقّى عنهما، ولا يشقى بالشكّ، فإنّ اليقين الإجمالي حاصل لا محالة، ذلك الوصف الربّاني للحقيقة بالصدق المطلق المؤيّد بالدليل الأزلي والبرهان التامّ .
لذلك يمكننا القول : إنّ مرجعيات المعرفة في التصوّر الإسلامي يكمّل بعضها، لا تنافر فيها ولا قطيعة بين أجزائها ، فهناك تكامل بين الوجود والوحي، وبين النظر والملاحظة الدقيقة التجريبية ، وبين معرفة الشهود ومعرفة الغيب ، كلّ ذلك نابع من تجلّيات مبدأ التوحيد وأثره في إدراك وحدة الحقيقة .
في حين أنّ التجربة الحضارية الاُوربية تفصل ـ بل تتعارض في مرجعياتها ـ المعرفة الدينوية مع معرفة الغيب ، والمعرفة العقلية مع الحسّية .
لقد استخدم بيكون ديكارت كلمة منهج (dohtem) بمعناها الأوّلى، أي (قواعد للسلوك تفضي بلا هوادة إلى المزيد من المعرفة)، وبذلك يكمن ثمّة تناقض بين نقد بيكون للفلسفة العقلية، وبين اعتقاده بقوّة المنهج ۱ .
واستخلاصاً من الأُصول المروية في الكافي يتّضح أنّ لمرجعيات المعرفة في التصوّر الإسلامي خصيصتين :
الاُولى : إنّها مركّبة ووظيفية من جهة، وإنّ لها تراتيبة قهرية من جهة أُخرى ، فكونها مركّبة فمن الوحي (التأمّل والنظر والعقل)، ومركّبة كذلك من عدم استبعاد الإلهام والحدس والكشف، وعدم التقليل من قيمة الملاحظة والتجربة في اكتشاف المجهول .
ومع فصل مصدر المعرفة عن حجّيتها، فالحدس والإلهام والكشف من مصادر المعرفة ، وقد عرف الصوفية مسلك الحدس في اكتشاف الحقائق، فهم يرون أنّ

1.انظر : فهم العلم المعاصر وتأويله لرولان أومينس ، ترجمة أحمد فؤاد باشا ، سلسلة عالم المعرفة، العدد : ۳۵۰ ص ۵۲۷ .

صفحه از 261