نظرية المعرفة عند الإمامية مرويات «الكافي» مستندا - صفحه 257

المعرفة العقلية وإن كانت أكثر رسوخا أذا ما قورنت بالمعرفة الحسّية ، إلّا أنّ العقل له مجالاً محدوداً لا يتجاوزه ، وبيّن دور الحدس في مدى إيضاح اختراقه لما وراء العقل .
الثانية : مرتّبة تنازلياً من حيث إنّ الوحي هو الأساس والرؤية، ومنه تنتزع مشروعية المصادر المعرفية الأُخرى، ونلحظ أنّ الإيمان بالوحي لا يتمّ إلّا بمقدّمات عقلية ومبرهنات نظرية . . . ودليل عقلي قطعي، سواء بواسطة المعجزة ليتحقّق الإيمان بالتوحيد وأُصول الرسالة، أو بالآليات الأُخرى العقلية للتعامل مع النصّ ، ثمّ آليات عقلية لما سكت عنه النصّ ، ثمّ إنّ الإقرار بنتائج التجربة الحدسية وعدم استبعاد (الكشف)، فإنّما لما له من مؤيّدات عقلية .
عن المعلّى بن خنيس قال :
قال أبو عبد اللّه عليه السلام : ما من أمر يختلف فيه اثنان إلّا وله أصل في كتاب اللّه عزّ وجلّ، ولكن لا تبلغه عقول الرجال۱.
ورواية الصادق عن جدّه أمير المؤمنين عليهماالسلام أنّه قال :
ذلك القرآن فاستنطقوه، ولن ينطق لكم ، إنّ فيه علم ما مضى، وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة، وحكم ما بينهم ، وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون۲.
ويلاحظ أنّ عشرات الأحاديث عن المعصومين أكّدت خصيصة الموافقة مع كتاب اللّه ، وهي سمة من سمات الصحّة ۳ .
إنّ قضية المرجعيات المركّبة من جهة ، والمترتّبة تراتبية خاصّة من جهة أُخرى ، تفكّك إشكالية يقينية المعرفة التي لا تزال دون حلّ في الغرب ، فهناك اختلاف في مدى المعرفة، فمنهم من يقول إنّ العقل يدرك المعرفة ويصل إلى اليقين، ومنهم

1.الكافي : ج ۱ ص ۶۳ ح ۶.

2.المصدر السابق : ج ۱ ص ۶۳ ح ۷.

3.انظر : المصدر السابق : ص ۴۱ ح ۱.

صفحه از 261