تطور اللغه و تأثيره على فهم الحديث - صفحه 53

«عِدَّةٌ مِنْ أَصْحابِنا عَنْ سَهْلِ بْنِ زيادٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَشْعَري عَنِ ابْنِ القَدّاحِ عَنْ أَبي عَبْدِ اللهِ(عليه‌السلام) قالَ: مَنْ غَسَلَ يَدَهُ قَبْلَ الطَّعامِ وَ بَعْدَهُ عاشَ في سَعَةٍ وَ عُوفيَ مِنْ بَلْوَى في جَسَدِهِ‏.»
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقاسِمِ بْنِ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ راشِدٍ عَنْ أَبي بَصيرٍ عَنْ أَبي عَبْدِ اللهِ (عليه‌السلام) قالَ: «قالَ أَميرُ الْمُؤْمِنينَ(عليه‌السلام): "غَسْلُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الطَّعامِ وَ بَعْدَهُ زيادَةٌ في الْعُمُرِ وَ إِماطَةٌ لِلْغَمَرِ عَنِ الثّيابِ وَ يَجْلُو الْبَصَرَ".»۱

فهاتان الروايتان و أضرابهما تدلان على أن المراد من «الوضوء» في الأحاديث المشابهة هو غسل اليدين، لا الوضوء الشرعي؛ حيث رتّبت الأثر ذاته علي الغسل.
الطائفة الثانية: الروايات الواردة في صفة الوضوء قبل الطعام و بعده نظير الرواية التالية:
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحابِنا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خالِدٍ عَنْ عُثْمانَ بْنِ عيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ عَنْ أَبي عَبْدِ اللهِ(عليه‌السلام) قالَ: الْوُضُوءُ قَبْلَ الطَّعامِ يَبْدا صاحِبُ الْبَيْتِ لِئَلا يَحْتَشِمَ أَحَدٌ فاذا فَرَغَ مِنَ الطَّعامِ بَدا بِمَنْ عَنْ يَمينِ صاحِبِ الْبَيْتِ حُرّاً كانَ أَوْ عَبْداً. قالَ: وَ في حَديثٍ آخَرَ: يَغْسِلُ أَوَّلاً رَبُّ الْبَيْتِ يَدَهُ ثُمَّ يَبْدا بِمَنْ عَلَى يَمينِهِ وَ إِذا رُفِعَ الطَّعامُ بَدا بِمَنْ عَلَى يَسارِ صاحِبِ الْمَنْزِلِ وَ يَكُونُ آخِرُ مَنْ يَغْسِلُ يَدَهُ صاحِبَ الْمَنْزِلِ لأَنَّهُ أَوْلى بِالصَّبْرِ عَلَى الْغَمَرِ.»۲
فإن من الواضح من سياق الرواية أن المراد من الوضوء فيها هو غسل اليد؛ حيث علّل بدء صاحب البيت بالوضوء بقوله: «لِئَلا يَحْتَشِمَ أَحَدٌ» و هذا التعليل يناسب غسل اليدين باعتبار أن العرف يراه مقدمة للأكل و لما كان في نظر العرف مقدمة و تهيؤاً للأكل، فمن الطبيعي أن يحتشم الضيف منه و لهذا فإن من الأدب أن يبدأ صاحب البيت بغسل يده قبل الضيف لبيبن أنه متهيئ للطعام قبله، بخلاف ما إذا فسرنا الوضوء بمعناه الشرعي فإنه ليس تهيؤاً للطعام في نظر العرف و لذلك فلا يکون وجه للتعليل باحتشام الضيف.
الطائفة الثالثة: الروايات الناهية عن مسح اليد بعد غسلها قبل الطعام، فإنها عبرت عنه بالوضوء تارة و بالغسل أخرى، نظير الروايتين التاليتين:
عَلي بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبي مَحْمُودٍ عَنْ أَبيهِ عَنْ رَجُلٍ قالَ قالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ(عليه‌السلام): «إِذا غَسَلْتَ يَدَكَ لِلطَّعامِ فَلا تَمْسَحْ يَدَكَ بِالْمِنْديلِ فانَّهُ لا تَزالُ الْبَرَكَةُ في الطَّعامِ ما دامَتِ النَّداوَةُ في الْيَدِ.»
«عَلي بْنُ إِبْراهيمَ عَنْ أَبيهِ عَنِ ابْنِ أَبي عُمَيْرٍ عَنْ مُرازِمٍ قالَ رايْتُ أَبا الْحَسَنِ(عليه‌السلام) إِذا تَوَضّا قَبْلَ الطَّعامِ لَمْ يَمَسَّ الْمِنْديلَ وَ إِذا تَوَضّا بَعْدَ الطَّعامِ مَسَّ الْمِنْديلَ‏.»۳

علماً أن الشيخ الكليني أورد كلتا الروايتين في باب واحد هو «بابُ التَّمَنْدُلِ وَ مَسْحِ الْوَجْهِ بَعْدَ الْوُضُوءِ.»
فهذه الأحاديث و غيرها دالة على أن المراد من «الوضوء» في الحديث محل البحث هو معناه اللغوي و هو غسل اليدين، لا الوضوء بمعناه الشرعي كما توهّم و منشأ هذا التوهم هو التغير و التطور الطارئ على معنى كلمة «الوضوء» خلال القرون السالفة.
و الذي يؤيد ما ذكرناه هو فهم الفقهاء و المحدثين القدامى لهذه الروايات؛ حيث نجد أن المحدث الكبير و الفقيه الجليل ثقة الإسلام الكليني(رحمه‌الله) أورد هذه الرواية ونظائرها _ بل جميع ما ذكرناه في الأسرة الحديثية _ ضمن كتاب الأطعمة۴ و لم يورد شيئاً منها في أبواب الوضوء و هو كاشف عن أنه فهم

1.(الكافي، ج۶، ص۲۹۰، «بابُ الْوُضُوءِ قَبْلَ الطَّعامِ وَ بَعْدَهُ‏».)

2.(الكافي، ج‏۶، ص۲۹۰ و ۲۹۱.)

3.(الكافي، ج‏۶، ص۲۹۱ و ۲۹۲.)

4.(الكافي، ج‏۶، ص۲۴۲ – ۳۷۹.)

صفحه از 63