و من الواضح أن أمير المؤمنين(عليهالسلام) إمام معصوم و يريد أن يبين لنا بهذا الفعل أمراً معيناً، أو فقل: إن هذا السلوك العلوي يهدف بيان حقيقة و يبغي إيصال رسالة معينة لأبناء الأمة الإسلامية، فما هي هذه الرسالة؟ هل الرسالة هي النهي عن رفع المنائر عالياً بحيث ترتفع عن سطح المسجد، أم الرسالة المقصود بيانها شيء آخر؟
الجواب علي هذا السؤال يتوقف علي معرفة النقطة التالية و هي: ما المراد من المنارة في هذا الحديث الشريف؟
المنارة لغة:
قال الخليل في بيان معني هذه المفردة:
«المنارة، مفعلة من الإنارة و بدء ذلك أنهم كانوا ينوّرون في الجاهلية ليهتدى و يقتدى بها.
و المنارة: الشمعة ذات السراج.
و المنارة: ما يوضع عليه المسرجة، قال:
[و كلاهما في كفه يزنية]فيها سنان كالمنارة أصلع
و المنارة: للمؤذن» ۱
و قال ابن منظور في بيان معني المنار و المنارة:
«المَنارُ: عَلَم الطريق. و المَنارُ: مَحَجَّة الطريق. و المَنار: العَلَم و ما يوضع بين الشيئين من الحدود. و المَنار: جمع منارة و هي العلامة تجعل بين الحدّين و مَنار الحرم: أَعلامه التي ضربها إِبراهيم الخليل، على نبينا و عليه الصلاة و السلام، على أَقطار الحرم و نواحيه و بها تعرف حدود الحَرَم من حدود الحِلِّ و الميم زائدة. و روى شمر عن الأَصمعي: المَنار العَلَم يجعل للطريق أَو الحدّ للأَرضين من طين أَو تراب. و المنار و المنارة: موضع النُّور. و المنار: الموضع المرتفع الذي يوقد في أعلاه النار. و المَنارَةُ: الشَّمْعة ذات السراج. ابن سيده: و المَنارَةُ التي يوضع عليها السراج؛ قال أَبو ذؤيب:
و كِلاهُما في كَفِّه يَزَنيةٌفيها سِنانٌ كالمَنارَةِ أَصْلَعُ
و المَنارَةُ: التي يؤذن عليها و هي المِئْذَنَةُ و أَنشد:
لِعَكٍّ في مَناسِمها مَنارٌإِلى عَدْنان، واضحةُ السَّبيل.»
۲
1.(ترتيب كتاب العين، ص۸۲۹، «نور».)
2.(لسان العرب، ج۵، ص۲۴۰ «نور».)