119
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

الحديث أيضا .
وروى قاضي القضاة رحمه اللّه تعالى عن كافِي الكفاة أبي القاسم إسماعيل بن عَبّاد رحمه اللهبإسناد متصل بعليّ عليه السلام أنّه ذكر المهديّ ، وقال : إنّه من ولد الحسين عليه السلام ، وذكر حِليتَه ۱ ، فقال رجل : أجْلَى الجبين ، أقنى الأنف ، ضخم البطن ، أزيل ۲ الفَخِذين ، أبلج الثنايا ، بفخذه اليمنى شامة ... . وذكر هذا الحديث بعينه عبد اللّه ابن قتيبة في كتاب « غريب الحديث » ۳ .

17

الأصْلُ :

۰.ومن كلام له عليه السلام في صفة من يتصدى للحكم بين الأُمة وليس لذلك بأَهلإِنَّ أَبْغَضَ الْخَلاَئِقِ إِلَى اللّهِ رَجُلاَنِ :
رَجُلٌ وَكَلَهُ اللّهُ إِلَى نَفْسِهِ ؛ فَهُوَ جَائِرٌ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ ، مَشْغُوفٌ بِكَلامِ بِدْعَةٍ ،

1.حِليته : صفته .

2.الزيل : التباعد مابين الفخذين .

3.أجمعت الشيعة الإمامية على أنّ النبي صلى الله عليه و آله وسلم قد نصّ على أئمتهم ، وبيّن عددهم ، وأن الأئمة عليهم السلام قد نصّ السابق منهم على اللاحق ، وأن الحسن العسكري عليه السلام الإمام الحادي عشر أخبر أنّه له ولد ، وأنّه وصيّه وأنّه المهدي المنتظر عليه السلام وقد استدلوا على مسألة النصّ من النبي صلى الله عليه و آله وسلم على الإمامة الإلهية لأهل بيته ، بحديث الثقلين ، وحديث السفينة . واستدلوا على عددهم بحديث الاثني عشر ، واستدلوا على أن الأئمة الإلهيين هم علي عليه السلام ثم الحسن عليه السلام ثم الحسين عليه السلام بحديث الغدير ، وحديث المنزلة وحديث الكساء ، وحديث : « الحسن والحسين سبطان من الأسباط » . وكلّها مروية في كتب الحديث السنية المعتبرة . أمّا إمامة التسعة من ذرية الحسين عليه السلام فقد استدلوا عليها بأحاديث الوصية في كتب الشيعة المعتبرة ، كقول الإمام الباقر عليه السلام : « يكون تسعة أئمة من ذرية الحسين بن علي تاسعهم قائمهم » ، رواه الكيني في الكافي . وقول الإمام الصادق عليه السلام « أترون أن الموصي منا يوصي إلى من يريد ؟ لا واللّه ولكنّه عهد معهود من رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمإلى رجل فرجل حتى انتهى إلى نفسه » . وفي لفظ آخر « إلى أن ينتهي إلى صاحب هذا الأمر » . الكافي ۱ : ۲۷۷ ح۱ ـ ۴ ، وبصائرالدرجات للصفار : ص۴۷۰ ح ۱ ـ ۱۰ ، ۱۲، بحث حول المهدي للسيد سامي البدري : ص۱۵ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
118

وقوله : « استتروا في بيوتكم » نهيٌ لهم عن العصبيّة والاجتماع والتحزّب ، فقد كان قوم بعد قتل عثمان تكلّموا في قتله من شيعة بني أُميّة بالمدينة .
وأمّا قوله : « قد كانت أُمور لم تكونوا عندي فيها محمودين » ، فمراده أمرُ عثمان وتقديمه في الخلافة عليه . ومن الناس مَنْ يحمِلُ ذلك على خلافة الشيخين أيضا . ولسنا نمنع من أن يكون في كلامه عليه السلام الكثير من التوجّد والتألّم لصرْف الخلافة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و آله ؛ وإنما كلامنا الآن في هذه اللفظات التي في هذه الخطبة ، على أنّ قوله عليه السلام : « سبق الرجُلان » ، والاقتصار على ذلك فيه كفاية في انحرافه عنهما .
وأمّا قوله : « حق وباطل » إلى آخر الفصل ، فمعناه كلّ أمر فهو إمّا حقّ ، وإمّا باطل ، ولكلّ واحدٍ من هذين أهلٌ وما زال أهل الباطل أكثرَ من أهل الحق ؛ ولئن كان الحق قليلاً فربما كَثُر ، ولعله ينتصر أهلُه . ثم قال على سبيل التضجر بنفسه : « وقلّما أدبَر شيء فأقبل » ، استبعد عليه السلام أن تعود دولة قوم بعد زوالها عنهم .
ثم قال : « ولئن رجعت عليكم أُموركم » أي إن ساعدني الوقت ، وتمكّنت من أن أحكم فيكم بحكم اللّه تعالى ورسوله ، وعادت إليكم أيام شبيهة بأيام رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، وسيرةٌ مماثلة لسيرته في أصحابه ؛ إنكم لَسُعداء .
ثم قال : « وإني لأخشى أن تكونوا في فَتْرة » ، الفترةُ هي الأزمنة التي بين الأنبياء إذا انقطعت الرسل فيها ؛ كالفَتْرة التي بين عيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه و آله ؛ لأنّه لم يكن بينهما نبيّ ، بخلاف المدة التي كانت بين موسى وعيسى عليهماالسلام ؛ لأنّه بُعِث فيها أنبياء كثيرون ، فيقول عليه السلام : إنّي لأَخشى ألاّ أتمكن من الحكم بكتاب اللّه تعالى فيكم ، فتكونوا كالأمم الذين في أزمنة الفَتْرة لا يرجعون إلى نبيٍّ يشافههم بالشرائع والأحكام ؛ وكأنّه عليه السلام قد كان يعلم أنّ الأمر سيضطرب عليه .
ثم قال : « وما علينا إلاّ الاجتهاد » ، يقول : أنا أعمل ما يجب عليّ من الاجتهاد في القيام بالشريعة وعزل ولاة السوء وأُمراء الفساد عن المسلمين ، فإنْ تمّ ما أريده فذاك ، وإلاّ كنت قد أعْذَرْتُ .
وأمّا التتِمّة المروية عن جعفر بن محمد عليهماالسلام فواضحة الألفاظ ، وقوله في آخرها : « وبنا تُختَم لا بِكُم » إشارة إلى « المهديّ » الذي يظهر في آخر الزمان . وأكثر المحدّثين على أنّه من وَلَد فاطمة عليهاالسلام . وأصحابنا المعتزلة لا ينكرونه ، وقد صرّحوا بذكره في كتبهم ، واعترف به شيوخهم ، إلاّ أنه عندنا لم يُخلَق بعد ، وسيخلق . وإلى هذا المذهب يذهب أصحاب

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 89364
الصفحه من 712
طباعه  ارسل الي