503
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

وَالْمَصْنُوعِ ، وَالْحَادِّ وَالمحْدُودِ ، وَالرَّبِّ وَالْمَرْبُوبِ . الْأَحَدِ بِـلاَ تَأْوِيلِ عَدَدٍ ، وَالْخَالِقِ لاَ بِمَعْنى حَرَكَةٍ وَنَصَبٍ ، وَالسَّمِيعِ لاَ بِأَدَاةٍ ، وَالْبَصِيرِ لاَ بِتَفْرِيقِ آلَةٍ ، وَالشَّاهِدِ لاَ بِمُمَاسَّةٍ ، وَالْبَائِنِ لاَ بِتَرَاخِي مَسَافَةٍ ، وَالظَّاهِرِ لاَ بِرُؤيَةٍ ، وَالْبَاطِنِ لاَ بَلَطَافَةٍ .
بَانَ مِنَ الْأَشْيَاءِ بالْقَهْرِ لَهَا ، وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهَا ، وَبَانَتِ الْأَشْيَاءُ مِنْهُ بِالْخُضُوعِ لَهُ ، وَالرُّجُوعِ إِلَيْهِ . مَنْ وَصَفَهُ فَقَدْ حَدَّهُ ، وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ ، وَمَنْ عَدَّهُ فَقَدْ أَبْطَلَ أَزَلَهُ ،
وَمَنْ قَالَ : كَيْفَ؟ فَقَدِ اسْتَوْصَفَهُ ، وَمَنْ قَالَ : أَيْنَ ؟ فَقَدْ حَيَّزَهُ . عَالِمٌ إِذْ لاَ مَعْلُومٌ ، وَرَبٌّ إِذْ لاَ مَرْبُوبٌ ، وَقَادِرٌ إِذْ لاَ مَقْدُورٌ .

الشّرْحُ :

أبحاث كلامية

في هذا الفصل أبحاث :
أوّلُها : في وجوده تعالى ، وإثبات أنّ للعالم صانعا ؛ وهاتان طريقتان في الدّلالة على وجوده الأول سبحانه :
إحداهما : الطريقة المذكورة في هذا الفصل ، وهي طريقة المتكلّمين ، وهي إثبات أنّ الأجسام محدَثة ، ولا بدّ للمحدَث من محدِث .
والثانية : إثبات وجوده تعالى من النظر في نفس الوجود ؛ وذلك لأنّ الوجود ينقسم بالاعتبار الأول إلى قسمين : واجب وممكن ، وكلّ ممكن لا بدّ أن ينتهيَ إلى الواجب .
وثانيها : إثبات أزليّته ؛ وبيانه ما ذكره في هذا الفصل ؛ وهو أن العالَمَ مخلوق له سبحانه حادث من جهته ، والمحدَث لا بدّ له من محدِث ، فإن كان ذلك المحدِث محدَثاً ، عاد القول فيه كالقول في الأول ، ويتسلسل ، فلا بدّ من محدِث قديم ؛ وذلك هو اللّه تعالى .
وثالثها : أنه لا شبيهَ له ، أي ليس بجسم كهذه الأجسام ، وبيانه ما ذكر أيضا أنّ مخلوقاته متشابهة ، يعني بذلك ما يريده المتكلّمون من قولهم : الأجسام متماثلة في الجسمية ، وأنّ نوع الجسمية واحد ، أي لا يخالف جسمٌ جسما بذاته ، وإذا كانت متماثلة صحّ على كلّ


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
502

حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَعْصِيَةَ ، وَسَهَّلَ لَكُمْ سُبُلَ الطَّاعَةِ .

الشّرْحُ :

يقال : طُلّ دم فلان فهو مطلول ، أي مُهدَر لا يُطْلَب به ، ويجوز أُطِلّ دمُه ، وطلّه اللّه وأطلّه : أهدره ، ولا يقال : طَلّ دم فلان بالفتح ، وأبو عبيدة ، والكسائيّ يقولانه . ويختِلون : يخدعون بالأيمان التي يعقِدونها ويَقسِمون بها ، والإيمان الذي يظهرونه ويقرّون به . ثم قال : « فلا تكونوا أنصار الفِتَن ، وأعلام البدع » ، أي لا تكونوا ممّن يشارُ إليكم في البدعِ كما يشار إلى الأعلام المبنيّة القائمة ، وجاء في الخبر المرفوع : « كُنْ في الفتنة كابنِ اللّبُون ، لا ظهرَ
فيركب ، ولا ضرْع فيحلب » ۱ ، وهذه اللفظة يرويها كثير من النّاس لأمير المؤمنين عليه السلام .
قوله : « واقدَموا على اللّه مظلومين » ، جاء في الخبر : « كنْ عبدَ اللّه المقتول » . ومدارج الشيطان : جمع مَدْرَجة ، وهي السبيل التي يدرج فيها . ومهابط العدوان : محالّهُ التي يهبط فيها . ولُعَق الحرام : جمع لُعْقةٍ ، بالضمّ ، وهي اسم لما تأخذه الملْعقة ، واللَّعقة ، بالفتح : المرّة الواحدة . قوله : « فإنكم بعين من حَرّم » ، يقال : أنت بعين فلان ، أي أنت بمرأىً منه ، وقد قال عليه السلام في موضع آخر بصِفّين : « فإنّكم بعين اللّه ، ومع ابن عمّ رسول اللّه »، وهذا من باب الاستعارة ، قال سبحانه : « وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي »۲ .

152

الأصْلُ :

۰.ومن خطبة له عليه السلامالْحَمْدُ للّه الدَّالِّ عَلَى وَجُودِهِ بِخَلْقِهِ ، وَبِمُحْدَثِ خَلْقِهِ عَلَى أَزَلِيَّته؛ وَبِاشْتِبَاهِهِمْ عَلَى أَنْ لاَ شَبَهَ لَهُ . لاَ تَسْتَلِمُهُ الْمَشَاعِرُ ، وَلاَ تَحْجُبُهُ السَّوَاتِرُ ؛ لاِفْتِرَاقِ الصَّانِعِ

1.نهج البلاغة ، حكمة رقم (۱) . ۲ . سورة طه ۳۹ .

2. ، وقال : « تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا » سورة القمر ۱۴ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 89145
الصفحه من 712
طباعه  ارسل الي