الفصل الثاني : مذاهب القُدَماء
من يراجع كتب التاريخ والرجال ، يجد أنّ القُدَماء يتكلمون عن كثير من الفِرق الفاسدة ويرمون كثيراً من الرجال بالانتماء إلى تلك الفرق ، وكانت اُمهات هذه الفرق الداخلة في مذهب التشيع بمعناه العام ستّة أقسام : الزيدية ، والكيسانية ، والفطحية ، والناووسية ، والواقفية ، والإسماعيلية ، والغُلاة ، والبترية .
فهذه اُمهات فِرق الشيعة غير الفرقة الشاخصة الناجية الّتي هي الإمامية ، وكان الغُلاة في زمان الأئمّة هُم الفرقة الأكثر عدداً من سائر تلك المذاهب الفاسدة ، وكان كثير منهم رواة أحاديث . فمن يرجع إلى رجال النجاشي والفهرست للشَّيخ الطوسي يصدق صحَّة ذلك .
وينبغي أن نعلم بأنّ الغُلاة يجوّزون الكذب ووضع الأحاديث لنصرة مذهبهم ، ولذلك لا يجتمع الغلوّ مع العدالة حتّى الوثاقة في النقل خاصة .
ثمّ إنّ القُدَماء كانوا مختلفين في معنى الغلوّ . فربما كان الاعتقاد ببعض الاُمور المربوطة بعلو شأن الأئمّة عليهم السلام يعدّ عند بعضهم غلوّاً وكفراً ، وعند بعضهم الآخر ممّا يجب الاعتقاد به ، فلهذه الملاحظات الثلاثة ؛ أي كثرة من رُمِيَ بالغلو ، وتجويز الغُلاة الكذب ، واختلاف القُدَماء في معنى الغلوّ ، ويجب علينا معرفة رأي القُدَماء والشارح