127
بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)

نفسك ما احتاج إليك أبدا .

26 . وأمّا حقّ مولاكَ الجارية عليه نعمتك :

۰.فأن تعلم أنَّ اللّه جعلك حامية عليه ، وواقيةً وناصرا ومعقلاً ، وجعله لك وسيلةً وسببا بينك وبينه ، فَبالحَرِيّ أن يحجبك عن النار ، فيكون في ذلك ثوابك منه في الآجل ، ويحكم لك بميراثه في العاجل ، إذا لم يكن له رحم ، مكافأةً لما أنفقته من مالك عليه ، وقمتَ به من حقّه بعد انفاق مالك ، فإن لم تقم بحقّه ، خيف عليك ألاّ يطيب لك ميراثه ، ولا قوّة إلاّ باللّه .

27 . وأمّا حقّ ذي المعروف عليكَ :

۰.فأن تشكره وتذكر معروفه ، وتنشر له المقالة الحسنة ، وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين اللّه سبحانه ، فإنك إذا فعلت ذلك ، كنت قد شكرته سرّا وعلانيةً ، ثُمَّ إن أمكن مكافأته بالفعل كافأته ، وإلاّ كنت مرصدا له موطِنا نفسك عليها .

28 . وأمّا حقّ المؤذّن :

۰.فأن تعلم أنه مذكّرك بربّك ، وداعيك إلى حظك ، وأفضل أعوانك على قضاء الفريضة الّتي افترضها اللّه عليكَ ، فتشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك ، وإن كنت في بيتك مُتّهما ، لم تكن للّه في أمره متهما ، وعلمت أنّه نعمة من اللّه عليك لا شكّ فيها ، فاحسن صحبة نعمة اللّه ، بحمد اللّه عليها على كل حال ، ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه .

29 . وأمّا حقّ إمامك في صلواتك :

۰.فأن تعلم أنّه قد تقلّد السفارة فيما بينك وبين اللّه ، والوفادة إلى ربّك ، وتكلّم عنك ، ولم تتكلّم عنه ، ودعا لك ولم تدعُ له ، وطلب فيك ، ولم تطلب فيه ، وكفاك همّ المقام بين يدي اللّه ، والمساءلة له فيك ، ولم تكفه ذلك ، فإن كان في شيء من ذلك تقصير ، كان به دونك ، وإن كان آثما لم تكن شريكه فيه ، ولم يكن له عليك فضل ، فَوَقى نفسك بنفسه ، وَوَقى صلاتك بصلاته ، فتشكر له على ذلك ،


بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
126

22 . وأمّا حقّ أبيك :

۰.فأن تعلم أنّه أصلك ، وأنّك فرعه ، وأنك لولاه لم تكن ، فمهما رأيت في نفسك ممّا يُعجبك فاعلم أنَّ أباك أصل النعمة عليك فيه ، واحمد اللّه واشكره على قدر ذلك ، ولا قوّة إلاّ باللّه .

23 . وأما حقّ ولدك :

۰.فأن تعلم أنّه منك ، ومُضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشرّه ، وأنّك مسؤول عمّا ولّيته من حسن الأدب ، والدلالة على ربّه ، والمعونة له على طاعته فيك وفي نفسه ، فمثاب على ذلك ومعاقب ، فاعمل في أمره عمل المتزيّن بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا ، المعذّر إلى ربه ـ فيما بينك وبينه ـ بحسن القيام عليه ، والأخذ له منه ، ولا قوّة إلاّ باللّه .

24 . وأمّا حقّ أخيك :

۰.فأن تعلم أنّه يدك الّتي تبسطها ، وظهرك الّذي تلتجئ إليه ، وعزّك الّذي تعتمد عليه ، وقوّتك الّتي تصول بها ، فلا تتّخذه سلاحا على معصية اللّه ، ولا عدّة للظلم بحقّ اللّه ، ولا تدع نصرته على نفسه ، ومعونته على عدّوه ، والحول بينه وبين شياطينه ، وتأدية النصيحة إليه ، والإقبال عليه في اللّه ، فإنْ انقاد إلى ربّه ، وأحسن الإجابة له ، وإلاّ فليكن اللّهُ آثرَ عندك ، وأكرم عليك منه .

25 . وأمّا حقّ المنعم عليك بِالوَلاءِ :

۰.فأن تعلم أنّه أنفق فيك ماله ، وأخرجك من ذُلّ الرقّ ووحشته إلى عزّ الحُريّة وأُنسها ، وأطلقك من أسر الملكة ، وفكّ عنك حلق العبوديّة ، وأوجدكَ رائحة العزّ ، وأخرجك من سجن القهر ، ودفع عنك العسر ، وبسط لك لسان الإنصاف ، وأباحك الدنيا كلّها ، فَملَّكك نفسك ، وحلّ أسرُكَ ، وفرّغك لعبادة ربّك ، واحتمل بذلك التقصير في ماله ، فتعلم أنّه أولى الخلق بك ، بعد أولي رحمك في حياتك وموتك ، وأحقّ الخلق بنصرك ومعونتك ، ومكانفتك ۱ في ذات اللّه ، فلا تؤثر عليه

1.«المكانفة» : الحفظ والإعانة .

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
    المساعدون :
    الحائری، جعفر عباس
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 231998
الصفحه من 336
طباعه  ارسل الي