301
منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله

وبما أنّ هذا المفهوم يلازم عدم الرغبة إلى الشيء غالبا ، لذا فإنّ هذه الكلمة تستعمل ضدّا للرغبة أيضا .

الزهد في القرآن والحديث

جاءت مادّة الزهد في القرآن الكريم مرّة واحدة ، وذلك في سورة يوسف عليه السلام .
وفي الحديث الشريف استُعمل هذا اللفظ غالبا بمعنى عدم الرغبة ، ونادرا بمعنى القلّة .

تعريف الزهد

إنّ عدم الرغبة على نوعين:

1 . عدم الرغبة الطبيعيّة

ويراد بذلك أنّ الإنسان بطبعه يرغب عن بعض الأشياء ، كما يرغب المريض عن الطعام والشراب.

2 . عدم الرغبة القلبيّة

ويراد بذلك أنّ روح الإنسان ترغب عن بعض الأشياء مع أنّ طبعه يرغب فيه ويميل إليه، مَثَلُه مَثَل المريض الذي يحبُّ غذاءً معيّنا ، ولكن لعلمه أنّ في تناوله منه خطرا عليه فإنّه لا يشعر بالرغبة فيه وحسب بل ينفر قلبه منه .
ومع أخذ هذه المقدّمة بنظر الاعتبار يمكن القول : إنّ الزهد الإسلاميّ ليس بمعنى عدم الرغبة الطبيعيّة في الدنيا ؛ لأنّ عدم الرغبة الطبيعيّة في اللذائذ المادية ليس فضلاً ، بل هو في الواقع مرض ينبغي معالجته ، فالزهد الإسلاميّ هو عبارة عن عدم الرغبة القلبيّة في اللذائذ التي تسبّب الضرر للإنسان.
ولتوضيح هذا المطلب نقول : إنّ الإنسان يرغب أحيانا في عملٍ ما ، لكنّ عقله يردعه عن أدائه لما فيه من الضرر ، فيمتنع الإنسان منه مع رغبته القلبيّة فيه ، وهذا الفعل يسمّى الصبر ، والذي يستطيع أن يضبط نفسه أمام ما يشتهي يسمّى صابرا .
وامّا الزهد فإنّه درجة أعلى من الصبر ، لأنّ الزهد عبارة عن غلبة عدم الرغبة القلبيّة في اللذائذ الضارّة على القلب بحيث تقع الرغبة الطبيعيّة تحت سيطرته ، فحينئذٍ لا يحتاج الزاهد في امتناعه عن اللذائذ الضارّة إلى الصبر والمقاومة ؛ لأنّه لا يشعر في وجوده بميل إليها ، ويشير أمير المؤمنين عليه السلام إلى هذه الفضيلة العظمى بقوله :
ما أحسَنَ بِالإِنسانِ ألّا يَشتَهِيَ ما لا يَنبَغي . 1
وحينما يصل الإنسان إلى هذه المرتبة العالية فإنّه يصبح زاهدا ، ولا يبالي بإقبال الدنيا أو إدبارها ، فلا يفرح بإقبالها ولا يحزن على إدبارها ، يقول أمير المؤمنين عليه السلام في بيان صفة الزهد :
الزُّهدُ كُلُّهُ بَينَ كَلِمَتَينِ مِنَ القُرآنِ ، قالَ اللّهُ سُبحانَهُ : «لِكَيْلَا تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُواْ بِمَا ءَاتَاكُمْ» . 2
وما قدّمناه في بيان الزهد وفرقه عن الصبر ، تجد خلاصته في قول أمير المؤمنين عليه السلام النَّيّر :
إنَّمَا النّاسُ ثَلاثٌ : زاهِدٌ ، وراغِبٌ ، وصابِرٌ . فَأَمَّا الزّاهِدُ فَلا يَفرَحُ بِالدُّنيا إذا أتَتهُ ، ولا

1.غرر الحكم : ح۹۶۴۹ .

2.نهج البلاغة : الحكمة ۴۳۹ .


منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
300

ه ـ كَرامَةُ الدُّنيا وَالآخِرَةِ

۱۷۷۹.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :ما مِن عَبدٍ يَدَعُ الدُّنيا إلّا لَم يَزَل عَزيزا فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ ، يَخافُهُ النّاسُ مادامَ في حالِهِ . ۱

۱۷۸۰.عنه صلى الله عليه و آله :إنَّ اللّهَ ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ ناجى موسى عليه السلام فَكانَ فيما ناجاهُ أن قالَ : يا موسى . . . أمَّا الزّاهِدونَ فِي الدُّنيا ، فَإِنّي أمنَحُهُم جَنَّتي يَتَبَوَّؤونَ مِنها حَيثُ شاؤوا . ۲

19 / 3 . مَبادِئُ الزُّهدِ

أ ـ مَعرِفَةُ الدُّنيا

۱۷۸۱.المُستدرَك على الصَّحيحَين عن ابن مسعود :تَلا رَسولُ اللّه صلى الله عليه و آله : «فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْاءِسْلَـمِ»۳ ، فَقالَ رَسولُ اللّه صلى الله عليه و آله : إنَّ النّورَ إذا دَخَلَ الصَّدرَ انفَسَحَ ، فَقيلَ : يا رَسولَ اللّهِ ، هَل لِذلِكَ مِن عَلَمٍ يُعرَفُ؟
قالَ : نَعَم ، التَّجافي ۴ عَن دارِ الغُرورِ ، وَالإِنابَةُ ۵ إلى دارِ الخُلودِ ، وَالاِستِعدادُ لِلمَوتِ قَبلَ نُزولِهِ . ۶

۱۷۸۲.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :لَو تَعلَمونَ مِنَ الدُّنيا ما أعلَمُ لَاستَراحَت أنفُسُكُم مِنها . ۷

ب ـ ذِكرُ المَوتِ

۱۷۸۳.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :كَفى بِالمَوتِ مُزَهِّدا فِي الدُّنيا ومُرَغِّبا فِي الآخِرَةِ . ۸

۱۷۸۴.عنه صلى الله عليه و آله :ألا فَزورُوا القُبورَ ؛ فَإِنَّها تُزَهِّدُ فِي الدُّنيا وتُذَكِّرُ الآخِرَةَ . ۹

19 / 4 . عَلاماتُ الزُّهدِ

أ ـ اجتِنابُ الحَرامِ

۱۷۸۵.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :اِجتَنِبِ المَحارِمَ تَكُن زاهِدا . ۱۰

۱۷۸۶.عنه صلى الله عليه و آله :أزهَدُ النّاسِ مَنِ اجتَنَبَ الحَرامَ . ۱۱

ب ـ قَصرُ الأَمَلِ

۱۷۸۷.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الزُّهدُ فِي الدُّنيا قَصرُ الأَمَلِ ، وشُكرُ كُلِّ نِعمَةٍ ، وَالوَرَعُ عَن كُلِّ ما حَرَّمَ اللّهُ . ۱۲

ج ـ الرِّضا بِالقَضاءِ

۱۷۸۸.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :اِرضَ بِقِسمِ اللّهِ تَكُن زاهِدا . ۱۳

۱۷۸۹.عنه صلى الله عليه و آله :أشرَفُ الزُّهدِ أن يَسكُنَ قَلبُكَ عَلى ما رُزِقتَ . ۱۴

كلام حول «الزّهد»

الزهد لغةً :

إنّ الزهد لغةً يدلّ على القلّة وانحطاط قيمة الشيء ،

1.الفردوس : ج ۴ ص ۸ ح ۶۰۲۰.

2.شُعب الإيمان : ج ۷ ص ۳۴۵ ح ۱۰۵۲۷.

3.الأنعام : ۱۲۵ .

4.التَّجافي : هو من الجفاء ؛ البُعد عن الشيء (النهاية : ج ۱ ص ۲۸۰ «جفا») .

5.الإنابة : الرجوع (المصباح المنير : ص ۶۲۹ «ناب») .

6.المستدرك على الصحيحين : ج ۴ ص ۳۴۶ ح ۷۸۶۳ .

7.شعب الإيمان : ج ۷ ص ۲۸۶ ح ۱۰۳۳۰.

8.المصنّف لابن أبي شيبة : ج ۸ ص ۱۲۹ ح ۲۸.

9.المستدرك على الصحيحين : ج ۱ ص ۵۳۱ ح ۱۳۸۷.

10.مسند أبي يعلى : ج ۵ ص ۳۳۱ ح ۵۸۳۹.

11.كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۴ ص ۳۹۵ ح ۵۸۴۰.

12.تحف العقول : ص ۵۸.

13.مسند الشهاب : ج ۱ ص ۳۷۲ ح ۶۴۲.

14.كنز العمّال : ج ۱ ص ۳۷ ح ۶۵.

  • نام منبع :
    منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
    المساعدون :
    خوش نصیب، مرتضی؛ لجنة من المحققين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    مشعر
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430 ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 230458
الصفحه من 604
طباعه  ارسل الي