351
منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله

والاجتماعيّ أو تحريفهِ ، لأنّه إذا كان مصدر تشريع الأذان مستمدّا من رؤيا يراها عامّة الناس ، فإنّ الّذي يدّعي خلافة النبيّ صلى الله عليه و آله ـ بل خلافة اللّه تعالى في الأرض ـ يمكن تغيير خلافته حسب الرغبة برؤيا اُخرى، أو حذفها بشكلٍ تامّ !
وممّا يمكن أن يؤيّد هذا التحليل ، هو أنّ موقف أهل البيت عليهم السلام تجاه الروايات التي تعتبر بدء تشريع الأذان هو رؤيا عبد اللّه بن زيد ، كان بعد استقرار حكومة معاوية ، فلو كان هناك أدنى ذكر لمثل هذه الشائعة المهينة للنبيّ صلى الله عليه و آله قبل هذا التّاريخ أو في حياة أمير المؤمنين عليه السلام ، فإنّه ـ بلا ريب ـ سيتّخذ منها موقفا حاسما ، لكنّ أوّل موقف يسجّله التّاريخ لأهل البيت عليهم السلام تجاه هذه الشائعة ، هو للإمام الحسن المجتبى عليه السلام بعد الصلح مع معاوية .

2 / 2 . فُصولُ الأذانِ

۲۱۹۱.الإمام الباقر عليه السلامـ في حَديثِ الإِسراءِ ـ: ثُمَّ أمَرَ [اللّهُ سُبحانَهُ ]جَبرَئيلَ عليه السلام فَأَذَّنَ شَفعا و أقامَ شَفعا ، و قالَ في أذانِهِ : «حَيَّ عَلى خَيرِ العَمَلِ» ، ثُمَّ تَقَدَّمَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله فَصَلّى بِالقَومِ . ۱

۲۱۹۲.عنه عليه السلام :كان الأذانُ بِ «حَىَّ عَلى خَيرِ العَمَل» على عَهدِ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وبِهِ اُمِروا في أيّامِ أبي بَكرٍ وصَدرٍ مِن أيّامِ عُمَرَ ، ثُمَّ أمرَ عُمر بِقَطعِهِ وحَذفِهِ مِنَ الأذانِ وَالإقامَةِ ، فَقيلَ لَهُ في ذلِك ، فقال : إذا سَمِعَ النّاسُ أنَّ الصَّلاةَ خَيرُ العَمَلِ ، تَهاوَنوا بِالجِهادِ وتَخَلَّفوا عنه . ۲

2 / 3 . فَضلُ الأَذانِ

۲۱۹۳.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :الأَذانُ نورٌ . ۳

۲۱۹۴.عنه صلى الله عليه و آلهـ كانَ يَقولُ لِبِلالٍ إذا دَخَلَ الوَقتُ ـ: يا بِلالُ ، اعلُ فَوقَ الجِدارِ وَارفَع صَوتَكَ بِالأَذانِ ، فَإِنَّ اللّهَ قَد وَكَّلَ بِالأَذانِ ريحا تَرفَعُهُ إلَى السَّماءِ ، وإنَّ المَلائِكَةَ إذا سَمِعُوا الأَذانَ مِن أهلِ الأَرضِ قالوا : هذِهِ أصواتُ اُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله بِتَوحيدِ اللّهِ عز و جل . ويَستَغفِرونَ لِاُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله حَتّى يَفرُغوا مِن تِلكَ الصَّلاةِ . ۴

۲۱۹۵.عنه صلى الله عليه و آلهـ في وَصِيَّتِهِ لِأَبي ذَرٍّ ـ: يا أبا ذَرٍّ ، إذا كانَ العَبدُ في أرضٍ قَفرٍ فَتَوَضَّأَ أو تَيَمَّمَ ثُمَّ أذَّنَ وأقامَ وصَلّى ، أمَرَ اللّهُ عز و جلالمَلائِكَةَ فَصَفّوا خَلفَهُ صَفّا لا يُرى طَرَفاهُ ، يَركَعونَ بِرُكوعِهِ ويَسجُدونَ بِسُجودِهِ ويُؤَمِّنونَ عَلى دُعائِهِ .
يا أبا ذَرٍّ ، مَن أقامَ ولَم يُؤَذِّن لَم يُصَلِّ مَعَهُ إلَا المَلَكانِ اللَّذانِ مَعَهُ . ۵

2 / 4 . فَضلُ المُؤَذِّنِ

۲۱۹۶.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :المُؤَذِّنونَ اُمَناءُ المُؤمِنينَ عَلى صَلَواتِهِم وصَومِهِم ولُحومِهِم ودِمائِهِم ، لا يَسأَلونَ اللّهَ عز و جل شَيئا إلّا أعطاهُم ، ولا يَشفَعونَ في شَيءٍ إلّا شُفِّعوا . ۶

1.الكافي : ج ۸ ص ۱۲۱ ح ۹۳.

2.دعائم الإسلام : ج ۱ ص ۱۴۲ .

3.جامع الأخبار : ص ۱۷۲ ح ۴۰۵.

4.الكافي : ج ۳ ص ۳۰۷ ح ۳۱.

5.الأمالي للطوسي : ص۵۳۵ ح۱۱۶۲.

6.كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۱ ص ۲۹۲ ح ۹۰۵.


منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
350

يعرف ماذا يفعل تجاه هذه المسألة مدّة عشرين يوما على ما جاء في بعض الروايات ، ومن ثمّ تنفرج الأزمة برؤيا واحدٍ أو أكثر من الصحابة ، توجب قرار النبيّ صلى الله عليه و آله وتشريع الأذان!
لا ريب في أنّ هذا الرأي لا يجتمع مع الاعتقاد بالنبوّة ، ومن هنا دعا الإمام الصادق عليه السلام القائلين بهذا الرأي إلى محاكمة عقلهم ووجدانهم ، واستنكر عليهم الجمع بين ما يرْوُون و بين الاعتقاد بنبوّة النبيّ صلى الله عليه و آله ونزول الوحي ، قال عليه السلام :
يَنزِلُ الوَحيُ عَلى نَبِيِّكُم ، فَتَزعُمونَ أنَّهُ أخَذَ الأَذانَ مِن عَبدِ اللّهِ بنِ زَيدٍ!!.۱

2 . التّعارض مع حكمة الأذان

إنّ التأمّل في الأحاديث الكثيرة الواردة في مصادر الحديث الشيعيّة والسنيّة حول الأذان وفضائله وبركاته ، يشير بوضوح إلى أنّ فلسفة هذا العمل العباديّ العظيم لا تتعلّق بالإعلام عن أوقات الصلوات وحسب ، بل تتضمّن الكثير من الآثار الفرديّة والاجتماعيّة ، والدنيويّة والاُخرويّة ، فهل يمكن أن نصدّق بأنّ كلّ هذه الحِكَم والبركات كانت بسبب رؤيا عبد اللّه بن زيد؟! أو أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يعرف فلسفة الأذان وفضائله وآثاره ، لكنّه لم يطّلع عليه فصولاً وأجزاءً؟!

3 . تكذيب أهل البيت عليهم السلام لها

إنّ أهل البيت عليهم السلام فضلاً عن تأكيدهم على أنّ مصدر الأذان هو الوحي ، فقد صرّحوا بتكذيب الروايات والأخبار التي تجعل الرؤيا مصدرا لتشريع الأذان ، وعدّوها منافية للإيمان بالنبوّة ، وإذا لم يكن ثمّة دليل على إثبات عدم صحّة تلك الروايات ووضعها ، فإنّ نفي أهل البيت عليهم السلام لها يكفي في المقام ؛ لأنّ «أهل البيت أدرى بما في البيت».

ثالثا : الغرض من وضع حديث عبد اللّه بن زيد

لا يمكن إبداء وجهة نظر قاطعة حول الغرض من وضع هذا الحديث ، غير أنّ بعض المحقّقين يرجّح احتمال وضعه من قبل عمومة عبد اللّه بن زيد .
وإنّنا نرى أنّ وضع هذا الحديث لا يخلو من أغراضٍ سياسيّة ، حاله حال الكثير من الأحاديث الموضوعة ، مع أنّ الأذان فضلاً عن كونه تذكيرا بأحد أهمّ الواجبات الفرديّة وإعلاما لأوقاتها ، فهو شعار سياسيّ واجتماعيّ في غاية الأهميّة ، وهذا الشعار هو ليس فقط لتوفير الأرضيّة المناسبة لاستمرار سيادة الإسلام في المجتمعات الإسلاميّة ، وإقراره القيم الدينيّة الفاضلة فيها ، بل يمكن أن يؤدّي إلى انتقال تلك القيم إلى سائر المجتمعات الاُخرى . ومن هنا نلاحظ أنّ التيّارات السياسيّة التي ترى أنّ سيادة الإسلام الأصيل تتعارض مع مصالحها ، لا تتفاعل مع هذا الشعار .
ويبدو أنّ وضع حديث عبد اللّه بن زيد من قبل الحزب الاُمويّ وفي عصر سلطة معاوية المطلقة ، كان لغرض حذف شعار الأذان السياسيّ

1.ذكرى الشيعة : ص ۱۶۸ .

  • نام منبع :
    منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
    المساعدون :
    خوش نصیب، مرتضی؛ لجنة من المحققين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    مشعر
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430 ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 234439
الصفحه من 604
طباعه  ارسل الي