505
منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله

الاُولى: أنّ ادّخار الثروة من حلال يبقى مشروعا مادام لا يضرّ باقتصاد المجتمع.
الثانية: في ذلك تحذير للمتموّلين والأثرياء الملتزمين بالاُصول الإسلامية؛ فحواه أنّ ادّخار الثروة وإن كان من حلال يمكن أن يتحوّل أيضا إلى خطر على شخص الثريّ نفسه إذا تخطّت الثروة قدرا معيّنا يتفاوت باختلاف الأوضاع الاقتصادية، حتّى لو لم يكن ذلك المقدار من الثروة ضارّا باقتصاد المجتمع. فالخطر هنا يتّجه إلى شخص الإنسان الثريّ الذي يمكن أن تجرّه حالته إلى مرض الترف، وتُفضي به ثروته إلى الطغيان والفساد.

1 / 4 . الخصائِصُ السَّلبِيَّة لِلثَّروَةِ

أ ـ مادَّةُ الشَّهَواتِ

۳۳۱۹.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :تَقيءُ الأَرضُ أفلاذَ كَبِدِها أمثالَ الاُسطُوانِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ ، فَيَجيءُ القاتِلُ فَيَقولُ : في هذا قَتَلتُ ، ويَجيءُ القاطِعُ فَيَقولُ : في هذا قَطَعتُ رَحِمي ، ويَجيءُ السّارِقُ فَيَقولُ : في هذا قُطِعَت يَدي . ثُمَّ يَدَعونَهُ فَلا يَأخُذونَ مِنهُ شَيئا . ۱

ب ـ مَصيدَةُ إبليسَ

۳۳۲۰.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :قالَ الشَّيطانُ ـ لَعَنَهُ اللّهُ ـ : لَن يَسلَمَ مِنّي صاحِبُ المالِ مِن إحدى ثَلاثٍ ، أغدو عَلَيهِ بِهِنَّ وأروحُ بِهِنَّ : أخذُهُ المالَ مِن غَيرِ حِلِّهِ ، وإنفاقُهُ في غَيرِ حَقِّهِ ، واُحَبِّبُهُ إلَيهِ فَيَمنَعُهُ مِن حَقِّهِ . ۲

ج ـ فِتنَةُ النَّفسِ

۳۳۲۱.رسول اللّه صلى الله عليه و آلهـ عَن جِبريلَ أنَّهُ قالَ ـ: إنَّ حُبَّ الدُّنيا وَالأَموالِ فِتنَةٌ ، ومَشغَلَةٌ عَنِ الآخِرَةِ . ۳

1 / 5 . التَّحذِيرُ مِن عِبادَةِ المالِ!

۳۳۲۲.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :تَعِسَ عَبدُ الدّينارِ ! تَعِسَ عَبدُ الدِّرهَمِ ! تَعِسَ ولَا انتَعَشَ ! ۴

۳۳۲۳.عنه صلى الله عليه و آله :مَلعونٌ مَلعونٌ مَن عَبَدَ الدّينارَ وَالدِّرهَمَ! مَلعونٌ مَلعونٌ مَن كَمَّهَ أعمى ! مَلعونٌ مَلعونٌ مَن نَكَحَ بَهيمَةً ! ۵

1 / 6 . ذَمُّ إيثارِ المالِ

الكتاب

« وَ تُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا » . ۶

« إِنَّ هَـؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَ يَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلاً » . ۷

الحديث

۳۳۲۴.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :ما ذِئبانِ جائِعانِ في غَنَمٍ قَد فَرَّقَها راعِيها ، أحَدُهُما في أوَّلِها وَالآخَرُ في آخِرِها ، بِأَفسَدَ فيها مِن حُبِّ المالِ وَالشَّرَفِ في دينِ المَرءِ المُسلِمِ . ۸

1.صحيح مسلم: ج ۲ ص ۷۰۱ ح ۶۲ .

2.المعجم الكبير : ج ۱ ص ۱۳۶ ح ۲۸۸.

3.الكافي : ج ۵ ص ۳۱۳ ح ۳۸.

4.تنبيه الخواطر : ج ۱ ص ۱۵۹.

5.الكافي : ج ۲ ص ۲۷۰ ح ۹.

6.الفجر : ۲۰.

7.الدهر : ۲۷.

8.الزهد للحسين بن سعيد : ص ۵۸ ح ۱۵۵.


منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
504

أساسها الاختلافات الطبقية الفاحشة، ومن ثمّ سيحظى الناس بمستوى معقول من الحياة المرفّهة الكريمة. هذه المعطيات يشير إليها عدد من الأحاديث الواردة في هذا المعنى.
3 . على ضوء ما مرّ في النقطتين الآنفتين يمكن تفسير الأحاديث التي جاءت بشأن الكنز على النحو التالي:
أ ـ الأحاديث التي تطلق وصف الكنز على مطلق المال المدّخر ناظرة ـ في الحقيقة ـ إلى الحقوق المالية الواجبة؛ ذلك أنّ التخلّف عن أداء هذه الحقوق ـ حتّى على مستوى القيراط الواحد ـ يعدّ كنزا، ومن ثمّ إذا لم يؤدّ الإنسان ذلك الحق فسيكون مشمولاً بآية الكنز .
ب ـ إنّ الأحاديث التي تفسّر الكنز بأنّه المال الذي لم تؤدّ زكاته ناظرة إلى دفع الحقوق المالية الواجبة، بحيث إذا ما اُدّيت هذه الحقوق فستحلّ مشكلات المجتمع الاقتصادية. على هذا يجوز ادّخار الثروة بالنسبة لمن أدّى ما عليه من الحقوق المالية الواجبة، وذلك إلى الحدود التي لا تلحق الضرر في البنيان الاجتماعي، وبالصيغة التي لا تقود إلى تعميق الفوارق الطبقية الفاحشة. وهذا غير المعنى الذي ذهب إليه كعب الأحبار عندما سأله عثمان : «ما تقول في رجلٍ أدّى زكاةَ ماله المفروضة ، هل يجب عليه في ما بعد ذلك شيء؟» فقال كعب الأحبار : «لا ، ولو اتّخذ لبنة من ذهب ولبنة من فضّة ما وجب عليه شيء»!
لا ريب أنّ الإسلام لا يجوّز مثل هذا التراكم الهائل في الثروة، ولا يسمح بمثل هذا الادّخار الفاحش للمال، خاصّة عندما يكون من بيت مال المسلمين.
ما كان يرمي إليه عثمان في الحقيقة هو تسويغ حياته الباذخة من خلال الاستناد إلى فتوى كعب الأحبار، كما كان يريد أن يُغطّي على تصرّفاته في إنفاق الأموال على قرابته من بيت المال وهباته لذوي رحمه من دون حساب أو كتاب، ومن ثمّ كان يريد أن يسلم بنفسه من لوم أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ونقدهم له خاصّة أبي ذرّ، ممّا يحتاج بيانه تفصيلاً إلى فرصة مستأنفة.
ج ـ بالنسبة للأحاديث التي تحدّثت عن مقادير مختلفة للكنز فهي ناظرة إلى أوضاع اقتصادية واجتماعية مختلفة؛ حيث تتفاوت الاحتياجات المالية للإنسان تبعا لتلك الأوضاع واستنادا إلى حجم التضخّم، ثمّ يدخل ما زاد عن ذلك في الثروة المكتنزة التي يجب أن تُؤدّى زكاتها ويدفع ما يترتّب عليها من حقوق مالية.
د ـ هناك الروايات التي تمنع الإنسان المسلم من ادّخار المال فوق حدٍّ معيّن سواء أدّى زكاته أم لم يؤدِّها، وكذلك تلك الأحاديث التي ترسم حدّا معلوما للثروة يجدر بالإنسان المسلم أن يلتزم به ولا يتخطّاه، هذان الضربان من الحديث يمكن أن يكون فيهما إشارة إلى حقيقتين اقتصاديّتين مهمّتين في الإسلام:

  • نام منبع :
    منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
    المساعدون :
    خوش نصیب، مرتضی؛ لجنة من المحققين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    مشعر
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430 ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 234061
الصفحه من 604
طباعه  ارسل الي