تَسيرَ مَعِي أو تَرجِعَ إلَيهِ . فَقالَ : بَل أرجِعُ إلَيهِ . 
 وعادَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، فَلَمّا دَخَلَ عَلَيهِ قالَ : يا رَسولَ اللّهِ ، إنَّكَ أهَّلتَني لِأَمرٍ طالَتِ الأَعناقُ فيهِ إلَيَّ ، فَلَمّا تَوَجَّهتُ لَهُ رَدَدتَني عَنهُ ، ما لي ، أنَزَلَ فِيَّ قُرآنٌ ؟ ! فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : لا ، ولكِنَّ الأَمينَ هَبَطَ إلَيَّ عَنِ اللّهِ جَلَّ جَلالُهُ بِأَنَّهُ لا يُؤَدّي عَنكَ إلّا أنتَ أو رَجُلٌ مِنكَ ، وعَلِيٌّ مِنّي ، ولا يُؤَدّي عَنّي إلّا عَلِيٌّ . ۱
  ۴۰.تاريخ دمشق عن ابن عبّاس :بَينا أنَا مَعَ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ في بَعضِ طُرُقِ المَدينَةِ ـ يَدُهُ في يَدي ـ إذ قالَ لي : يَابنَ عَبّاسٍ ، ما أحسِبُ صاحِبَكَ إلّا مَظلوما ! فَقُلتُ : فَرُدَّ إلَيهِ ظُلامَتَهُ يا أميرَ المُؤمِنينَ ! ! قالَ : فَانتَزَعَ يَدَهُ مِن يَدي ، ونَفَرَ مِنّي يُهَمهِمُ ، ثُمَّ وَقَفَ حَتّى لَحِقتُهُ ، فَقالَ لي : يَابنَ عَبّاسٍ ، ما أحسِبُ القَومَ إلَا استَصغَروا صاحِبَكَ . قُلتُ : وَاللّهِ مَا استَصغَرَهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله حينَ أرسَلَهُ وأمَرَهُ أن يَأخُذَ بَراءَةَ مِن أبي بَكرٍ فَيَقرَأَها عَلَى النّاسِ ! ! فَسَكَتَ . ۲
ج ـ البَعثُ إلَى اليَمَنِ
لمّا فتح رسول اللّه صلى الله عليه و آله مكّة ، وانتصر على القبائل المستقرّة حولها في غزوة حنين ، أراد توسيع نطاق دعوته ؛ فأرسل إلى اليمن معاذ بن جبل ، وهناك استعصت مسائل على معاذ فرجع ، وبعث بعده خالد بن الوليد ، فلم يحقّق نجاحاً ، وأخفق في مهمّته بعد ستّة أشهر من المكوث في اليمن . فانتدب عليّاً عليه السلام ، فوجّهه إليها مع كتاب . ولمّا وصل قرأه على أهلها ببيان بليغ وكلام مؤثِّر ، ودعاهم إلى التوحيد ، فأسلمت قبيلة «همدان» . وأخبر رسول اللّه صلى الله عليه و آله بذلك ، فسرَّ ودعا لهم . ۳