181
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2

موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
180

بَحثٌ حَولَ قَبولِ الإِمامِ عليه السلام لِهَدايا مُعاوِيَةَ

لقد كانت السيرة العملية للإمامين الحسن والحسين عليهماالسلام ـ استنادا إلى الروايات الّتي لاحظناها ـ تتمثّل في قبول هدايا معاوية . إلّا أنّ هذه الروايات يجب التوقّف عندها بغضّ النظر عمّا طرح في الفقه فيما يتعلّق بحلّية هدايا السلطان الجائر أو حرمتها. فعلى فرض حلّية هذه الهدايا بشكل مطلق، أو بشروط خاصّة، فإنّ ما يجب أن يخضع هنا للدراسة ـ باعتباره قضية تاريخية وسياسية ـ هو كيف يمكننا تصديق ما ذكر من قبول الحسنين عليهماالسلامهدايا معاوية رغم العداء القائم بين الإمام عليّ عليه السلام وأبنائه وبين معاوية ؟ ألم تكن الأهداف السياسية لمعاوية من هذه المبادرة مكشوفة لهم ؟ أوَ ليس قبول هدايا معاوية بمثابة تأييد عملي لحكمه؟ وأخيرا : ما هي المصلحة الّتي كانت تستوجب أن يقبلوا هدايا عدوّ أهل البيت اللّدود؟
للإجابة على هذه التساؤلات نقول : إنّ العمل الذي يستلزم التأييد العملي لحكومة آل أبي سفيان في المجتمع الإسلامي لا يمكن أن يصدر من أبناء الإمام عليّ عليه السلام ، والوثائق الموجودة ـ على فرض صحّتها ـ تدلّ على هذا المعنى بوضوح للسببين التاليين:
أوّلاً: إنّ قبول الإمام عليه السلام لهدايا معاوية لا يمكن أن نعتبره تأييدا لحكومة معاوية ، إلّا إذا التزم جانب الصمت إزاء جرائمه، ولكن عندما ينتقد الإمام عليه السلام معاوية بصراحة، فإنّه يفشل بذلك مخطّطه الخبيث ، وبذلك فإنّ قبوله لهديّته لا يعتبر تأييدا لحكومته، كما ورد ذلك في رواية عن الإمام الباقر عليه السلام :
إنَّ الحَسَنَ وَالحُسَينَ عليهماالسلام كانا يَغمِزانِ مُعاوِيَةَ ، ويَقولانِ فيهِ ، ويَقبَلانِ جَوائِزَهُ . ۱
ثانيا: في الحالات الّتي قد يعتبر فيها قبول هدايا معاوية بمثابة تأييد لحكومته، أو أنّ عدم قبوله يوجّه ضربة إلى حكومته، فإنّ الإمام عليه السلام كان يمتنع عن قبول هداياه، كما حدث ذلك عندما امتنع الحسين عليه السلام عن قبول الهدايا الكثيرة الّتي أرسلها معاوية إليه خلال قدومه إلى مكّة .
وأمّا المصلحة والحكمة اللتان كانتا قد اُخذتا بنظر الاعتبار في قبول هدايا معاوية في غير تلك الحالات، فتتمثّلان في إزالة التوتّر عن المجتمع الإسلامي من جهة ، وتأمين حاجات مجموعة من المحتاجين من جهة اُخرى ؛ ذلك لأنّ الإمامين الحسن والحسين عليهماالسلام لم يكونا يخصّصان ما كانا يتسلّمانه لنفقات حياتهما الشخصية، بل كانا ينفقان ذلك على الفقراء والمحتاجين .

1.راجع : ص ۱۷۹ ح ۷۵۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 141145
الصفحه من 411
طباعه  ارسل الي