دعای عرفه امام حسین سلام الله علیه (دانلود) - صفحه 1

10 / 20

دُعاؤُهُ عليه السلام يَومَ عَرَفَةَ

۳۸۴۷.الإقبال :مِنَ الدَّعَواتِ المُشَرَّفَةِ في يَومِ عَرَفَةَ ، دُعاءُ مَولانَا الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ ۱ :
الحَمدُ للّهِِ الَّذي لَيسَ لِقَضائِهِ دافِعٌ ، ولا لِعَطائِهِ مانِعٌ ، ولا كَصُنعِهِ صُنعُ صانِعٍ ، وهُوَ الجَوادُ الواسِعُ ، فَطَرَ ۲ أجناسَ البَدائِعِ ، وأتقَنَ بِحِكمَتِهِ الصَّنائِعَ ، لا يَخفى عَلَيهِ الطَّلائِعُ ، ولا تَضيعُ عِندَهُ الوَدائِعُ ، أتى بِالكِتابِ الجامِعِ ، وبِشَرعِ الإِسلامِ النّورِ السّاطِعِ ، وهُوَ لِلخَليقَةِ صانِعٌ ، وهُوَ المُستَعانُ عَلَى الفَجائِعِ ، جازي كُلِّ صانِعٍ ، ورائِشُ ۳ كُلِّ قانِعٍ ۴ ، وراحِمُ كُلِّ ضارِعٍ ۵ ، ومُنزِلُ المَنافِعِ وَالكِتابِ الجامِعِ بِالنّورِ السّاطِعِ ، وهُوَ لِلدَّعَواتِ سامِعٌ ، ولِلدَّرَجاتِ رافِعٌ ، ولِلكُرُباتِ دافِعٌ ، ولِلجَبابِرَةِ قامِعٌ ، وراحِمُ عَبرَةِ كُلِّ ضارِعٍ ، ودافِعُ ضَرعَةِ كُلِّ ضارِعٍ ، فَلا إلهَ غَيرُهُ ، ولا شَيءَ يَعدِلُهُ ، ولَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ ، وهُوَ السَّميعُ البَصيرُ ، اللَّطيفُ الخَبيرُ ، وهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ .
اللّهُمَّ إنّي أرغَبُ إلَيكَ ، وأشهَدُ بِالرُّبوبِيَّةِ لَكَ ، مُقِرّا بِأَنَّكَ رَبّي ، وأنَّ إلَيكَ مَرَدِّي ، ابتَدَأتَني بِنِعمَتِكَ قَبلَ أن أكونَ شَيئا مَذكورا ، وخَلَقتَني مِنَ التُّرابِ ثُمَّ أسكَنتَنِي الأَصلابَ ، أمنا لِرَيبِ المَنونِ ۶ وَاختِلافِ الدُّهورِ ، فَلَم أزَل ظاعِنا ۷ مِن صُلبٍ إلى رَحِمٍ في تَقادُمِ الأَيّامِ الماضِيَةِ ، وَالقُرونِ الخالِيَةِ ، لَم تُخرِجني ـ لِرَأفَتِكَ بي ، ولُطفِكَ لي وإحسانِكَ إلَيَّ ـ في دَولَةِ أيّامِ الكَفَرَةِ ، الَّذينَ نَقَضوا عَهدَكَ وكَذَّبوا رُسُلَكَ ، لكِنَّكَ أخرَجتَني رَأفَةً مِنكَ وتَحَنُّنا عَلَيَّ لِلَّذي سَبَقَ لي مِنَ الهُدَى ، الَّذي فيهِ يَسَّرتَني ، وفيهِ أنشَأتَني ، ومِن قَبلِ ذلِكَ رَؤُفتَ بي بِجَميلِ صُنعِكَ وسَوابِغِ نِعمَتِكَ ؛ فَابتَدَعتَ خَلقي مِن مَنِيٍّ يُمنى ، ثُمَّ أسكَنتَني في ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ، بَينَ لَحمٍ وجِلدٍ ودَمٍ ، لَم تُشَهِّرني بِخَلقي ۸ ، ولَم تَجعَل إلَيَّ شَيئا مِن أمري .
ثُمَّ أخرَجتَني إلَى الدُّنيا تامّا سَوِيّا ، وحَفِظتَني فِي المَهدِ طِفلاً صَبِيّا ، ورَزَقتَني مِنَ الغِذاءِ لَبَنا مَرِيّا ، وعَطَفتَ عَلَيَّ قُلوبَ الحَواضِنِ ، وكَفَّلتَنِي الاُمَّهاتِ الرَّحائِمَ ، وكَلَأتَني ۹ مِن طَوارِقِ الجانِّ ، وسَلَّمتَني مِنَ الزِّيادَةِ وَالنُّقصانِ ، فَتَعالَيتَ يا رَحيمُ يا رَحمانُ .
حَتّى إذَا استَهلَلتُ ناطِقا بِالكَلامِ ، أتمَمتَ عَلَيَّ سَوابِغَ الإِنعامِ ، فَرَبَّيتَني زائِدا في كُلِّ عامٍ ، حَتّى إذا كَمُلَت فِطرَتي ، وَاعتَدَلَت سَريرَتي ، أوجَبتَ عَلَيَّ حُجَّتَكَ بِأَن ألهَمتَني مَعرِفَتَكَ ، ورَوَّعتَني بِعَجائِبِ فِطرَتِكَ ، وأنطَقتَني لِما ذَرَأتَ في سَمائِكَ وأرضِكَ مِن بَدائِعِ خَلقِكَ ، ونَبَّهتَني لِذِكرِكَ وشُكرِكَ وواجِبِ طاعَتِكَ وعِبادَتِكَ ، وفَهَّمتَني ما جاءَت بِهِ رُسُلُكَ ، ويَسَّرتَ لي تَقَبُّلَ مَرضاتِكَ ، ومَنَنتَ عَلَيَّ في جَميعِ ذلِكَ بِعَونِكَ ولُطفِكَ .
ثُمَّ إذ خَلَقتَني مِن حُرِّ ۱۰ الثَّرى ، لَم تَرضَ لي يا إلهي بِنِعمَةٍ دونَ اُخرى ، ورَزَقتَني مِن أنواعِ المَعاشِ وصُنوفِ الرِّياشِ بِمَنِّكَ العَظيمِ عَلَيَّ ، وإحسانِكَ القَديمِ إلَيَّ ، حَتّى إذا أتمَمتَ عَلَيَّ جَميعَ النِّعَمِ ، وصَرَفتَ عَنّي كُلَّ النِّقَمِ ، لَم يَمنَعكَ جَهلي وجُرأَتي عَلَيكَ أن دَلَلتَني عَلى ما يُقَرِّبُني إلَيكَ ، ووَفَّقتَني لِما يُزلِفُني لَدَيكَ ، فَإِن دَعَوتُكَ أجَبتَني ، وإن سَأَلتُكَ أعطَيتَني ، وإن أطَعتُكَ شَكَرتَني ، وإن شَكَرتُكَ زِدتَني ، كُلُّ ذلِكَ إكمالاً لِأَنعُمِكَ عَلَيَّ ، وإحسانِكَ إلَيَّ .
فَسُبحانَكَ سُبحانَكَ ! مِن مُبدِئٍ مُعيدٍ حَميدٍ مَجيدٍ ، وتَقَدَّسَت أسماؤُكَ ، وعَظُمَت آلاؤُكَ ، فَأَيُّ أنعُمِكَ يا إلهي اُحصي عَدَدا أو ذِكرا ، أم أيُّ عَطاياكَ أقومُ بِها شُكرا ، وهِيَ يا رَبِّ أكثَرُ مِن أن يُحصِيَهَا العادّونَ ، أو يَبلُغَ عِلما بِهَا الحافِظونَ ! ثُمَّ ما صَرَفتَ ودَرَأتَ ۱۱ عَنِّي اللّهُمَّ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرّاءِ أكثَرُ مِمّا ظَهَرَ لي مِنَ العافِيَةِ وَالسَّرّاءِ .

1.قال الكفعمي في البلد الأمين : ذكر السيّد الحسيب النسيب رضيّ الدين عليّ بن طاووس ـ قدّس اللّه روحه ـ في كتاب مصباح الزائر قال : روى بشر و بشير الأسديّان أنّ الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، خرج عشيّة عرفة يومئذٍ من فسطاطه ، متذلِّلاً خاشعا ، فجعل عليه السلام يمشي هونا هونا ، حتّى وقف هو وجماعة من أهل بيته وولده ومواليه في مَيسَرَةِ الجبل ، مستقبلَ البيت ، ثُمّ رفع يديه تلقاء وجهه كاستطعام المسكين ، ثُمَّ قال : الحمد للّه الذي ليس لقضائه دافع . . . إلى آخره (البلد الأمين : ص ۲۵۱ ، بحار الأنوار : ج ۹۸ ص ۲۱۴ ح ۲) .

2.فَطَرَ : خلق (المصباح المنير : ص ۴۷۶ «فطر») .

3.يقال : راشَهُ يَريشُه ؛ إذا أحسن حاله . وكلُّ من أوليته خيرا فقد رِشتَه (لسان العرب : ج ۶ ص ۳۱۰ «ريش») .

4.القانِعُ : السائل ، من القنوع : الرضا باليسير من العطاء (النهاية : ج ۴ ص ۱۱۴ «قنع») .

5.الضَّارعُ : النحيف الضاوي الجسم (النهاية : ج ۳ ص ۸۴ «ضرع») .

6.. المنون : الدَّهرُ . والموتُ (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۲۷۲ «منّ») .

7.ظَعَنَ : سارَ (الصحاح : ج ۴ ص ۲۱۵۹ «ظعن») .

8.قال العلّامة المجلسي : لم تشهّرني بخلقي ؛ أي لم تجعل تلك الحالات الخسيسة ظاهرة للخلق في ابتداء خلقي لأصير محقّرا مهينا عندهم ، بل سترت تلك الأحوال عنهم ، وأخرجتني بعد اعتدال صورتي وخروجي عن تلك الاُصول الدّنية (بحار الأنوار : ج ۶۰ ص ۳۷۳) . هذا وفي البلد الأمين : «لَم تُشهِدني خلقي» .

9.كَلأهُ : حرسه (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۲۶ «كلأ») .

10.الحُرّ من الطين والرَّمل : الطيّب . وحرّ كلّ أرضٍ : وسطها وأطيبها (تاج العروس : ج ۶ ص ۲۶۱ «حرر») .

11.الدَّرأُ : الدَّفع (الصحاح : ج ۱ ص ۴۸ «درأ») .

صفحه از 32