يجوز أن يكون تعبّدنا بالصلاة لأ نّها تقرّبنا من طاعته وتبعّدنا عن معصيته ، وتكون العبادة بها لطفاً لكافّة المتعبّدين بها أو لبعضهم .
فلمّا خفيت هذه الوجوه وكانت مستورة عنّا ولم يقع دليل علَى التفصيل فيها - وإن كان العلم بأ نَّها حكمة في الجملة - كان النهي عن الكلام في معنى القضاء والقدر إنّما هو عن طلب علل لها مفصَّلة فلم يكن نهياً عن الكلام في معنَى القضاء والقدر.
هذا إن سلمت الأخبار التي رواها أبو جعفر رحمه اللَّه ، فأمّا إن بطلت أو اختلّ سندها فقد سقط عنّا عهدة الكلام فيها . والحديث الذي رواه عن زرارة حديث صحيح من بين ما روى ، والمعنى فيه ظاهر ليس به علَى العقلاء خفاء ، وهو مؤيّد للقول بالعدل ، ألا ترى إلى ما رواه عن أبي عبداللَّه عليه السلام من قوله : إذا حَشَرَ اللَّهُ تعالى الخَلائقَ سَألَهُم عَمّا عَهِدَ إلَيهِم ولم يَسألْهم عَمّا قَضى علَيهِم .
وقد نطق القرآن بأنّ الخلق مسؤولون عن أعمالهم» انتهى كلامه۱ رحمه اللَّه .
وأقول۲ : من تفكّر في الشبهة الواردة علَى اختيار العباد وفروع مسألة الجبر والاختيار والقضاء والقدر علم سرّ نهي المعصوم عن التفكّر فيها ، فإنّه قلّ من أمعن النّظر فيها ولم يزلّ قدمه إلّا من عصمه اللَّه بفضله.۳
كلامٌ في القضاءِ في فصولٍ :
1 - في تحصيل معناه وتحديده : إنّا نجد الحوادث الخارجيّة والاُمور الكونيّة - بالقياس إلى عللها والأسباب المقتضية لها - على إحدى حالتين ، فإنّها قبل أن تتمّ عللها الموجبة لها والشرائط وارتفاع الموانع التي يتوقّف عليها حدوثها وتحقّقها لا يتعيّن لها التحقّق والثبوت ولا عدمه ، بل يتردّد أمرها بين أن تتحقّق وأن لا تتحقّق من رأس .
1.أي كلام الشيخ المفيد رحمة اللَّه .
2.القائل المجلسيّ رحمة اللَّه .
3.بحار الأنوار : ۵/۹۷/۲۲ - ۲۴ .