القضاء والقدر - الصفحه 10

يجوز أن يكون تعبّدنا بالصلاة لأ نّها تقرّبنا من طاعته وتبعّدنا عن معصيته ، وتكون العبادة بها لطفاً لكافّة المتعبّدين بها أو لبعضهم .
فلمّا خفيت هذه الوجوه وكانت مستورة عنّا ولم يقع دليل علَى التفصيل فيها - وإن كان العلم بأ نَّها حكمة في الجملة - كان النهي عن الكلام في معنى‏ القضاء والقدر إنّما هو عن طلب علل لها مفصَّلة فلم يكن نهياً عن الكلام في معنَى القضاء والقدر.
هذا إن سلمت الأخبار التي رواها أبو جعفر رحمه اللَّه ، فأمّا إن بطلت أو اختلّ سندها فقد سقط عنّا عهدة الكلام فيها . والحديث الذي رواه عن زرارة حديث صحيح من بين ما روى‏ ، والمعنى‏ فيه ظاهر ليس به علَى العقلاء خفاء ، وهو مؤيّد للقول بالعدل ، ألا ترى‏ إلى‏ ما رواه عن أبي عبداللَّه عليه السلام من قوله : إذا حَشَرَ اللَّهُ تعالى‏ الخَلائقَ سَألَهُم عَمّا عَهِدَ إلَيهِم ولم يَسألْهم عَمّا قَضى‏ علَيهِم .
وقد نطق القرآن بأنّ الخلق مسؤولون عن أعمالهم» انتهى كلامه‏۱ رحمه اللَّه .
وأقول‏۲ : من تفكّر في الشبهة الواردة علَى اختيار العباد وفروع مسألة الجبر والاختيار والقضاء والقدر علم سرّ نهي المعصوم عن التفكّر فيها ، فإنّه قلّ من أمعن النّظر فيها ولم يزلّ قدمه إلّا من عصمه اللَّه بفضله.۳

كلامٌ في القضاءِ في فصولٍ :

1 - في تحصيل معناه وتحديده : إنّا نجد الحوادث الخارجيّة والاُمور الكونيّة - بالقياس إلى‏ عللها والأسباب المقتضية لها - على‏ إحدى حالتين ، فإنّها قبل أن تتمّ عللها الموجبة لها والشرائط وارتفاع الموانع التي يتوقّف عليها حدوثها وتحقّقها لا يتعيّن لها التحقّق والثبوت ولا عدمه ، بل يتردّد أمرها بين أن تتحقّق وأن لا تتحقّق من رأس .

1.أي كلام الشيخ المفيد رحمة اللَّه .

2.القائل المجلسيّ رحمة اللَّه .

3.بحار الأنوار : ۵/۹۷/۲۲ - ۲۴ .

الصفحه من 20