في ثقبين من تلك الصخرة تحت البحر، فهو يتنفس كل يوم نفسين، فإذا تنفس مد البحر وإذا ردّه جزر، ولم يكن لقوائم الثور قرار، فخلق الله تعالى كمكما كغلظ سبع سموات وسبع أرضين، فاستقرّت عليها قوائم الثور، ثم لم يكن للكمكم مستقرّ فخلق الله تعالى حوتا يقال له: بلهوت، فوضع الكمكم على وبر ذلك الحوت، والوبر الجناح الذي يكون في وسط ظهر السمكة، وذلك الحوت على ظهر الريح العقيم، وهو مزموم بسلسلة، كغلظ السموات والأرضين، معقودة بالعرش.
قالوا : ثم إنّ إبليس انتهى إلى ذلك الحوت، فقال له: إنّ الله لم يخلق خلقا أعظم منك، فلِمَ لا تزلزل الدنيا؟! فهمَّ بشيء من ذلك، فسلّط الله عليه بقّة في عينيه فشغلته، وزعم بعضهم أنّ الله سلّط عليه سمكة كالشطبة، فهو مشغول بالنظر إليها ويهابها. قالوا: وأنبت الله تعالى من تلك الياقوتة التي على سنام الثور جبل قاف، فأحاط بالدنيا، فهو من ياقوتة خضراء . فيقال والله أعلم : إنّ خضرة السماء منه . ويقال : إنّ بينه وبين السماء قامة رجل، وله رأس ووجه ولسان، وأنبت الله تعالى من قاف الجبال، وجعلها أوتادا للأرض كالعروق للشجر، فإذا أراد الله عز و جل ، أن يزلزل بلدا ، أوحى الله إلى ذلك الملك أن : زلزل ببلد كذا . فيحرّك عرقا مما تحت ذلك البلد فيتزلزل، وإذا أراد أن يخسف ببلد أوحى الله إليه أن : اقلب العرق الذي تحته، فيقلبه فيخسف البلد. وزعم وهب بن منبه أنّ الثور والحوت يبتلعان ما ينصب من مياه الارض، فإذا امتلأت أجوافهما قامت القيامة.
وقال آخرون : إنّ الارض على الماء، والماء على الصخرة، والصخرة على سنام الثور، والثور على كمكم من الرمل متلبّد ، والكمكم على ظهر الحوت، والحوت على الريح العقيم، والريح على حجاب من الظلمة، والظلمة على الثرى، وإلى الثرى ينتهي علم الخلائق، ولا يعلم ما وراء ذلك إلاّ الله. قال الله تعالى: «لَهُو مَا فِى السَّمَـوَ تِ وَ مَا فِى الْأَرْضِ وَ مَا بَيْنَهُمَا وَ مَا تَحْتَ الثَّرَى » . ۱
قال عبيد الله الفقير إليه مؤلف الكتاب: قد كتبنا قليلاً من كثير ممّا حكي من هذا