حتّى تعرض عليه وتقارن به ، لتصحّ كونها مصدراً للتشريع في امتداده وعرضه ، و لايكون الحديث بهذا المستوى إلاّ إذا كان موجباً للقطع والعلم ، وليس هو إلاّ المجمع عليه ، والمتسالم على قبوله ووروده ، وليس مجرّد الخبر الواحد الظنّي الذي لا يغني عن الحقّ شيئاً.
والعجب من العامّة ، الذين يهاجمون أحاديث العرض هذه ، مع أنّ كبراءهم قد أُثر عنهم مثل ما احتوته: فعن مالك بن أنس أنّه قال: إنّما أنا بشر أُخطئ وأُصيب ، فانظروا في رأيي ، فكلّما وافق الكتاب والسنّة فخذوا به ، وكلّ ما لم يوافق الكتاب والسنّة فاتركوه ۱ .
وعن الشافعي أنّه قال في اختلاف أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله): أصير منها إلى ما وافق الكتاب أو السنّة أو الإجماع... ۲ .
وعن أحمد بن حنبل أنّه قال في اختلاف أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)والتابعين: فإذا اختلفوا: نظر في الكتاب ، فأيّ قولهم كان أشبه بالكتاب أخذ به ، أو كان أشبه بالسنّة أي بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) أُخذ به ، وترك ما أحدث الناس من بعدهم ۳ .
فما هو تفسير الموافقة والمخالفة هنا ؟.
وما هو معنى الأخذ والترك هنا ؟.
لابدّ أن يفسّر بما لايخرج صاحبه عن أصل الدين ، ولا نسبة هؤلاء إلى الزندقة ؟
وكذلك ما ورد من أنّ الخبرين إذا اختلفا ، فلابدّ أن يكون أحدهما موافقاً للحقّ والآخر مخالفاً ، فالميزان في الترجيح هو العرض على كتاب الله فما وافق
1.جامع بيان العلم (۲ / ۳۲) .
2.جامع بيان العلم (۲ / ۸۲) .
3.طبقات الحنابلة (۲ / ۱۶) .