شرح حديث زينب عطاره - صفحه 319

سنشير إليه عند التعرّض لخصوص شرحه وحلّه ـ إن شاء اللّه تعالى ـ بمعاضدة رفيق التأييد ومرافقة صديق التوفيق .
وبالجملة فالإنسان هو القائم بين الأمرين والواسط المتوسّط بين البحرين ؛ لأنّ هذه الأكوان العلويّة والسفلية كلّها تابعة للإنسان مقصودة ومصنوعة له كما مرّ .

تكملة فيه تبصرة [في معرفة العالم الاصغر والاكبر]

اعلم أنّ الإنسان إنسانان : إنسان كبير يسمّى بالعالم الأكبر ، وإنسان صغير موسوم بالعالم الأصغر اُنموذج ذلك العالم الأكبر ؛ كما قال عليُّ قبلة العارفين عليه السلام :

أ تزعم أنّك جرم صغير
وفيك انطوى العالم الأكبر

وأنت الكتاب المبين الّذي
بأحرفه يظهر المضمر۱

وهو في وجه من الاستبصار عند اُولي البصائر والأبصار يزيد على ذلك الأكبر الّذي خلق طينا اُخذ منه طينة هذا الأصغر ، وفي القدسي نظرا و ۲ إشارةً إلى تلك الفضيلة والمزيّة : ما وسعني أرضي ولا سمائي ، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن۳ وقد أشار إليه بعض العارفين في نظمه حيث قال مخاطبا للإنسان الكامل :

يا خالق الأشياء في نفسه
أنت لما تخلقه جامع

تخلق ما لا ينتهي كونه
فيك فأنت الضيِّق / الف ۸ / الواسع

من وسع الحقّ أضاق عن
خلق فكيف الأمر يا سامع

ولقد أنشدتُ في الكشف عن سرّ سؤال ذلك العارف حيث قال : « فكيف الأمر يا سامع؟ » فقلتُ بالفارسية :

آفريننده اشيا در خود
مجمع جامع اشيا باشد

بى نهايت كند او خلق دلش
ذات بى چون و چرا جا باشد

وسع الحق بوَد و خلقش را
مى نگنجد ز چه آيا باشد

جمع اضداد سرشت گل اوست
ضيِّق واسع از اين جا باشد

«ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الّذي انقض ظهرك* ورفعنا لك ذكرك»۴ فقولي « مى نگنجد » إشارة إلى طرح الكونين طرّا ، وهو محو الموهوم ؛ وقولي « وسع الحق » ناظر إلى محو المعلوم ۵ بصيرورته ذا العينين ، والجامع بين الأمرين ومجمع البحرين ، مجرى الاسمين ، الاسم الظاهر والباطن من جهة واحدة .

1.راجع : الديوان ، لعليّ بن أبي طالب ، ص ۵۷ وفيه بيت آخر فقط.

2.م : أو .

3.تذكرة الموضوعات ، ص ۳۰ ؛ فيض القدير شرح الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۶۲۹ .

4.سورة الانشراح ، الآية ۱ ـ ۴ .

5.إشارة إلى حديث الحقيقة : « محو الموهوم ، وصحو المعلوم » .

صفحه از 442