مجبولة على الطّاعة ، «وهو القاهر فوق عباده»۱ . وفي الصحيفة السجاديّة :
ابتدع بقدرته الخلق ابتداعا ، واخترعهم على مشيّته اختراعا ، ثم سلك بهم طريق إرادته وبعثهم في سبيل محبّته ، لا يملكون تأخيرا عمّا قدّمهم إليه، ولا يستطيعون تقدماً إلى ما أخّرهم عنه ۲ .
وفيها أيضا :
ذلّت لقدرتك ۳ الصعاب، وتسبّبت بلطفك الأسباب ، وجرى بقدرتك القضاء ، ومضت على إرادتك الأشياء ، فهي بمشيتك دون قولك مؤتمرة ، وبإرادتك دون نهيك منزجرة . ۴
نكتة عرشية
والصعاب التي ذلت لقدرته القاهرة سرّ صعوبتها كأنّه هو ما أشرنا إليه من رمز الجمع بين الأطراف المتباعدة المتضادّة المتعاندة من جهة واحدة وكون كمال ظهور القدرة فيه ، وفي قوله «وتسببت بلطفك الأسباب» فكأنّ فيه إشارة [إلى] ما في غاية اللطافة من بعثه تعالى كلّهم في سبيل محبّته ؛ حيث حصر عليه السلام التسبّب بصفة اللّطف ، فلا تغفل!
وقوله « فهي بمشيتك » إلى قوله « منزجرة » كأنّه ناظر إلى قوله تعالى «وهو القاهر فوق عباده» فافهم .
رجعة بعد رجعة وكرّة بعد كرّة
[في جنود النفس الامّارة]
قد تقرّر وتحقّق في فنّه ومحلّه بالبرهان الباهر عند الأجلّة والأكابر أنّ اُصول جنود نفس الأمّارة واُمرائها التي هي خليفة إبليس الجهل في النشأة البشرية إنّما هي قوى ثلاث : قوة الشّهوة ، وقوة الغضب ، وقوة الهوى المعروفة بمعدن الشيطنة وبقاعدة مخروط ظلمة النكرى ، وهاوية الهوى بتفاوت دركاتها ، أي حقيقة الدركة
1.سورة الأنعام ، الآية ۱۸ .
2.الصحيفة السجادية ، ص۱۷ .
3.ح : بقدرتك .
4.الصحيفة السجادية ، ص ۵۴ .