ملكه كما يشاء رضاً بقضائه وتسليما لأمره ، وإلى هذه المرتبة من كمال العبودية أشار سبحانه بقوله « راضيةً مرضيّة»۱ أي راضيةً بقضائه مرضيةً بعبادته الموجبة لرضائه.
إشارة عرشية فيه انارة نورية
[مرتبة الاستواء في درجات الوجود]
ومرتبة تلك الكلية الإلهيّة اللاهوتيّة الكبرى ـ وهي كلمات اللّه العليا ـ هي بعينها مرتبة الاستواء ، أي مرتبة «الرّحمن على العرش استوى»۲ ، وهي مرتبة تجلّي حضرة الرحمن على عرشه والاستواء عليه بتدبير الأمر من السّماء إلى الأرض كما شاء في الأزل وكما يشاء في ما لا يزال ؛ كما قال سبحانه : «ثم استوى على العرش يدبّر الأمر من السماء إلى الأرض»۳ وكأنّه صلى الله عليه و آله وسلم من هنا تلى بعد ذكر العرش في هذا الحديث المقصود هاهنا شرحُه آية «الرّحمن على العرش استوى » كما تلي صلى الله عليه و آله وسلمقبل هذا بعد ذكر الثرى آية « له ما في السّموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى»۴ فكأنّه صلى الله عليه و آله وسلمحاذى وقابل بين التلاوتين للآيتين ؛ للإشارة / ب 30 / إلى المقابلة التي هي بين دركة ما تحت الثرى وبين درجة «الرّحمن على العرش استوى» .
ودرجة الاستواء هاهنا إنّما هي بعينها درجة تجلّيه تعالى على هياكل جميع الأشياء ، بتجلّيه على عرشه الّذي منزلته وجود الجمعي لجميع الأشياء كما تقرّر في محلّه ، وذلك الاستواء إنّما هو صورة العدل ۵ ، العدل ۶ الّذي به قامت السماوات والأرضون ، كما كان مقابله الّذي هو ما تحت الثرى ـ وهو العداوة والبغضاء لأهل اللّه تعالى ولآله جل وعلا ۷ الذين بهم يمسك السّماوات والأرض أن تزولا ـ الظلم
1.سورة الفجر ، الآية ۲۸.
2.سورة طه ، الآية ۵ .
3.سورة يونس ، الآية ۳.
4.سورة طه ، الآية ۶ .
5.م : ـ العدل .
6.وفي الأدعية المأثورة : أسألك باسمك الّذي أشرقت به السماوات والأرضون . «منه» [دعاء السمات] .
7.م : - جل وعلا .