رسالة في « أبي داود » - صفحه 50

فائدة[ 7 ] : [ في «صدوق» ]

قد يقال في بعض التراجم : «صدوق» كما في ترجمة جارود بن أبي سيرة ، ويحيى بن الحسن بن جعفر بن عبد اللّه بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن أبي طالب ، وإسماعيل بن أبي فديك ، ۱ وحمّاد بن شعيب . ۲
ومقتضى صريح صاحب الحاوي في ترجمة يحيى بن الحسن القولُ بالدلالة على العدالة . ۳
وهو مقتضى استدلاله على عدالة القاسم بن عبد الرحمن بما في أواخر روضة الكافي ممّا هذا لفظه : «محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن عيسى ، عن عليّ بن النعمان ، عن القاسم شريك المفضّل وكان رجلَ صدقٍ» . ۴
قوله : «شريك المفضّل» الظاهر أنّ الغرض الشركة في التجارة ، كما أنّه ذكر في ترجمة الحسن بن عليّ بن الحجّال : أنّه كان شريكا لمحمّد بن الحسن بن الوليد في التجارة» . ۵
وقوله : «رجل صدق» الظاهر أنّه على سبيل الإضافة كما يقال : شاهدُ صدقٍ ، وقرينُ سوءٍ ، وميتةُ سوءٍ ، ونسخة الأصل وإلاّ فلو كان على سبيل التوصيف ، لكان اللازم نصْبَ الرجل والصدق .
وربّما حُمل العبارة على الغلط حِسْبانَ كونِ الأمر من باب التوصيف ، بملاحظة لزوم النصب . وقد اتّفق تلك العبارة في بعض أخبار نوادر نكاح الكافي ۶ أيضا .
وقيل : قد جرت عادة أهل العربيّة والعرب على أنّهم إذا نسبوا شيئا إلى الخير والصلاح أضافوه إلى لفظة «صِدْقٍ» كما يقال : «رجلُ صدقٍ» يعني رجلاً صالحا ، وليس المراد بالصدق حينئذٍ ما يقابل الكذب . ومنه قوله تعالى : «وَ لَقَدْ بَوَّأْنَا
بَنِى إِسْرَ ءِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ»
. ۷
وذكر ذلك صاحب القاموس ۸ وسائر أرباب اللغة . ۹
قوله : «وذكر ذلك صاحب القاموس وسائر أرباب اللغة» قال في القاموس :
والصدق ـ بالكسر ـ : الشدّة ، وهو رجلُ صدقٍ وصديقُ صدقٍ مضافين ، وكذا امرأهُ صدقٍ «وَ لَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِى إِسْرَ ءِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ»:۱۰ أنزلناهم منزلاً صالحا ويقال : هذا الرجل الصَدْقُ بالفتح فإذا أضفتَ إليه كسرت الصاد. ۱۱
قوله : «الشدّة» الظاهر انطباق النسخ عليه ، إلاّ أنّ الظاهر ـ بل بلا إشكال ـ أنّه غَلَطٌ من النسّاخ والأصل «السدد» حيث إنّ السدد كالسداد بالفتح بمعنى القصد ، كما ذكره في القاموس . ۱۲ ولاخفاء في مناسبة السديد للأمثلة المذكورة ، بخلاف الشدّة .
وإن قلت : إنّ الشدّة تأتي بمعنى الإيثاق ، فلا بأس بالشدّة في المقام .
قلت ـ بعد عدم مناسبة الإيثاق للأمثلة المذكورة ـ : ما يأتي بمعنى الإيثاق هو السدّة لا الشدّة .
وقال في المُغْرب : ويعبّر عن كلّ فعل فاضل ظاهرا وباطنا بالصدق ، فيضاف إليه ذلك الفعل الذي يوصف به ، نحو قوله عزّوجلّ : « فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِم » . ۱۳ وعلى هذا : « أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ »۱۴ وقوله عزّوجلّ :
«أَدْخِلْنِى مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِى مُخْرَجَ صِدْقٍ» ؛۱۵«وَ اجْعَل لِّى لِسَانَ صِدْقٍ فِى الْأَخِرِينَ » .۱۶
وقال في المجمع : وكلّ ما نُسب إلى الصلاح والصدق ، أُضيف إلى الصدق ، كقوله تعالى : «مُبَوَّأَ صِدْقٍ»۱۷ وكقولهم : «دارُ صدقٍ» و «فرسُ صدقٍ» . ۱۸
ويقتضي القولَ بذلك استدلالُ صاحب الحاوي أيضا على عدالة محمّد بن أحمد بن زيارة بما في إكمال الدين قبل باب نصّ اللّه على القائم بنحو من ثلاث ورقات ممّا لفظه . «حدّثنا الشريف الدَيِّن الصدوق أبو عليّ محمّد بن أحمد بن محمّد بن زيارة بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، عن عليّ بن قتيبة على عدالة محمّد» إلاّ أنّه يمكن أن يكون باعتبار الديِّن» ۱۹ . ۲۰
وقد أجاد من أورد على الاستدلال الأوّل بأنّ هذه العبارةَ لاتدلّ على التوثيق ؛ لأنّ الصدق أعمُّ من العدالة ؛ لجواز أن يكون الرجل صادقا وليس بعدل ، إلاّ أنّ مجرّد الجواز لايكفي في الإيراد ، ولايتمّ الإيراد إلاّ بإضافة عدم ظهور الصدق في العدالة .
نعم ، الأظهر عدم ظهور الصدق في العدالة لابنفسه ولابواسطة الغلبة .
ويظهر الحال تمامَ الظهور بما حرّرناه في الرسالة المعمولة في «ثقة» في باب «ثقة في الحديث» .
فقد بانَ أنّ في المقام قولين ، والأظهر القول بعدم الدلالة على العدالة . نعم ،
يتأتّى الدلالة على المدح التامّ .
وبما ذكرنا يظهر الحال في «صادق» كما في ترجمة نجيّة بن الحارث . ۲۱
ثمّ إنّه قد يقال : «صدوق ، كثير الخطأ ، والتدليس» كما ذكره ابن حجر في ترجمة حجّاج بن أرطاة . ۲۲
والظاهر أنّ المقصود بالتدليس هو الإرسال ، كما يكشف عنه قوله في ترجمة حبيب بن أبي ثابت : «كثيرُ الإرسال والتدليس» . ۲۳

1.خلاصة الأقوال : ۱۸۲ / ۷ .

2.تقريب تهذيب الأحكام ۱ : ۷۴ / ۵۵۷ ، وانظر منتهى المقال ۲ : ۴۷ / ۳۳۱ .

3.خلاصة الأقوال : ۵۷ / ۷ .

4.حاوى الأقوال ۲ : ۳۳۸ / ۷۲۱ .

5.الكافي ۸ : ۳۷۴ ، ح ۵۶۲ ، باب أنا إمام من أطاعني .

6.انظر الكافي ۵ : ۳۳۶ و ۳۷۹ و ۴۱۲ و ۴۴۴ و ۴۶۵ .

7.يونس (۱۰) : ۹۳ .

8.القاموس المحيط ۳ : ۲۶۱ (صدق) .

9.انظر لسان العرب ۱۰ : ۱۹۴ (صدق) .

10.يونس (۱۰) : ۹۳ .

11.القاموس المحيط ۳ : ۲۶۱ (صدق) .

12.القاموس المحيط ۱ : ۳۱۱ (سدد) .

13.القمر (۵۴) : ۵۵ .

14.يونس (۱۰) : ۲ .

15.الاسراء (۱۷) : ۸۰ .

16.الشعراء (۲۶) : ۸۴ .

17.يونس (۱۰) : ۹۳ .

18.مجمع البحرين ۱ : ۵۹۴ (صدق) .

19.كمال الدين : ۲۳۹ / ۶۰ .

20.حاوي الأقوال : ۱۷۲ / ۷۱۲ .

21.رجال الكشّي ۲ : ۷۴۸ / ۸۵۲ ؛ خلاصة الأقوال : ۱۷۶ / ۲ .

22.تقريب تهذيب الأحكام ۱ : ۱۸۸ / ۱۱۲۲ .

23.تقريب تهذيب الأحكام ۱ : ۱۸۳ / ۱۰۸۷ .

صفحه از 80