رسالة في « أبي داود » - صفحه 56

فائدة[ 8 ] : [ في «صحيح الحديث» ]

قد يقال في بعض التراجم : «صحيح الحديث» كما في ترجمة أنس بن عياض ، ۱ وعبد السلام بن صالح الهروي ، ۲ وأحمد بن الحسن بن إسماعيل . ۳
أقول : إنّ «الصحّة» لغةً خلاف السقم ، كما صرّح به في الصحاح ، ۴ وينصرح من المصباح ، ۵ وعرفا بمعنى تماميّة الشيء وخلوّه عن العيوب والخَلَل من حيث انتفاء الجزء أو الشرط أو المانع ؛ وبعبارة أُخرى : كون الشيء بحيث يترتّب عليه آثاره المطلوبة منه .
والتفصيل موكولٌ إلى ما حرّرناه في الأُصول ، كما أنّ الكلام في أنّ الصحّة في العبادات عند الفقهاء والمتكلّمين بمعنى إسقاط القضاء وموافقة الأمر موكولٌ أيضا إلى ذلك .
وأمّا في اصطلاح أرباب الدراية والفقهاء في مقام إظهار حال الخبر في تضاعيف المسائل الفقهيّة عبارةٌ عن كون كلّ من رواة الخبر عَدْلاً إماميا .
وبعبارة أُخرى : كون كلّ جزء من أجزاء سند الخبر عدلاً إماميا .
والمتّصف بالصحّة هو الخبر ، لكن يطلق الصحّة على نفس السند أيضا ، كما أنّ الضعف مصطلح في الخبر ، لكن يطلق على السند أيضا .
بل على هذا المنوال الحالُ في الموثّق والحَسَنَ والقوي .
لكنّ الاصطلاح في الصحّة إنّما نشر بالتعيّن عن الاصطلاح في الصحيح بالتعيّن أو بالتعيين ، كما هو الأظهر ، لكنّ الاصطلاح في الموثّق لم ينشر إلى التوثيق ، وكذا الاصطلاح في الحَسَن والقويّ لم ينشر إلى الحُسن والقوّة .
ويطلق الصحّة أيضا شائعا على الخبر باعتبار بعض أجزاء السند ، أو على بعض أجزاء السند فيما يقال مثلاً : «في صحيح زرارة» أو «الصحيح عن زرارة» .
ومن هذا الباب إطلاق الصحّة على الطريق ، كطريق الصدوق في الفقيه وطريق الشيخ في التهذيب والاستبصار ؛ لأنّ الطريق بعض أجزاء السند .
وقد يطلق الصحّة على الراوي كما يقال : «ثقة صحيح» إلاّ أنّه يدور الأمر بين كون الأمر من باب الإضمار ، أي صحيح الحديث ، وكونه من باب إطلاق الصحّة على الراوي باعتبار الرواية . ويأتي الكلام فيه .
وقد يطلق الصحّة على الخبر باعتبار سلامة سنده عن الطعن ، أو على السند باعتبار سلامته عن الطعن وإن اعتراه إرسال أو قطع ، كما ذكره الشهيدان في الذكرى ۶ والدراية . ۷
وربّما وقع إطلاق الصحّة في مواردَ من كلمات الفقهاء المتأخّرين على بعض أجزاء السند ، مع اشتمال البعض على غير الإمامي بواسطة نقل الإجماع على التصحيح من الكشّي ، وهو خارج عن الاصطلاح المتأخّر المعروف .
وقد ذكر جماعة كالشهيد الثاني ۸ وشيخنا البهائي ۹ والسيّد الداماد ۱۰ مواردَ أُخرى للخروج عن الاصطلاح المذكور ، وهو المحكي في المنتقى عن جماعة
أُخرى من المتأخّرين . ۱۱
لكنّ الأظهر عدم الخروج فيها ، وقد حرّرنا الحال في الرسالة المعمولة في تصحيح الغير والرسالة المعمولة في باب حمّاد بن عثمان .
وأمّا القدماء ـ أعني قدماءَ الفقهاء ـ في مواردِ ذكر حال الخبر ، وكذا أرباب الرجال والرواة فقد حكي كون المدار عندهم في إطلاق الصحّة وتوصيف الخبر بها على مجرّد الوثوق بالصدور ولو من جهة القرائن .

1.رجال النجاشي : ۱۰۶ / ۲۶۹ ؛ خلاصة الأقوال : ۲۲ / ۳ .

2.رجال النجاشي : ۲۴۵ / ۶۴۳ ؛ خلاصة الأقوال : ۱۱۷ / ۳ .

3.رجال النجاشي : ۷۴ / ۱۷۹ .

4.الصحاح ۱ : ۳۸۱ (صحح) .

5.المصباح المنير : ۳۳۳ (صحح) .

6.ذكرى الشيعه ۱ : ۴۸ .

7.الدرايه : ۲۰ .

8.الرعاية في علم الدراية : ۲۰۴ .

9.مشرق الشمسين : ۳۲ .

10.الرواشح السماوية : ۶۰ الراشحة الثانية عشر .

11.منتقى الجمان ۱ : ۴ .

صفحه از 80