رسالة في « أبي داود » - صفحه 58

[ في «الحديث» لغةً واصطلاحا ]

وأمّا «الحديث» فهو لغةً يطلق على معانٍ ، ۱ إلاّ أنّ الأمر في معناه الحقيقي دائر بين كونه مطلقَ الكلام ـ كما صرّح به السيّد السند المحسن الكاظمي ، وربّما جنح إليه الوالد الماجد رحمه اللّه من جهة التبادر ، فيثبت اللغة بأصالة عدم النقل ـ و[كونِه] ضِدَّ القديم ، كما يؤذن به جعلُه أوّلَ المعاني من جماعة من اللغويّين ، بل يرشد إليه توجيه تسمية الكلام بالحديث بتجدّده شيئا فشيئا .
وفي اصطلاح الأُصوليين والفقهاء عرّف بكلام يحكي قول المعصوم أو فعله أو تقريره . ۲
والظاهر أنّ المقصود بالكلام هو القول المتلفّظ به ، فإطلاق الحديث على المكتوب من باب المجاز ، كما أنّ الظاهر أنّ المقصود بالقول في تعريف السُنّة هو ما يُتلفّظ به ، فإطلاق السنّة على كتابة المعصوم من باب المجاز .
اللهمّ إلاّ أن يعمَّم القول للكتابة تجوّزا ، فكتاب فقه الرضا ـ بناءً على اعتباره ـ من باب السنّة ، بناءً على تعميم القول للكتابة ، وملحق بالسنّة بناءً على اختصاص
القول بالمتلفّظ به .
وكذا الحال فيما تكرّر في الأخبار من نقل مكاتبات المعصوم عليه السلام .
والحديث فيما يقال : «قال الصادق عليه السلام» مثلاً إنّما هو مقول القول ، لانفس القول ، وليس القول جزءا من الحديث .
ولا ينافيه قولهم : «متن الحديث» إذ الظاهر أنّ الإضافة بيانيّة ، والمعنى «أصل الحديث ونفسه» فلا تغاير بين «المتن» و «الحديث» كما في متن اللغة .
وما يقتضيه كلام المحقّق القمّي من كون الحديث نفسَ القول ، ۳ ليس بالوجه .
وبالجملة ، فالمقصود ب «الصحّة» ليس ما هو المصطلح عند المتأخّرين بلاشبهة .
وأمّا «الحديث» فإن كان المقصود به المعنى اللغويَّ ـ ولعلّه الأظهر ـ فالغرض اعتبار الإسناد وصدق الراوي .
والصحّة جارية على المعنى المصطلح عند القدماء بناءً على كون المدار عندهم على الوثوق بالصدور وعدم اختصاص اصطلاحهم بالوثوق بصدق الخبر ، أي باعتبار تمام أجزاء السند وعمومه ؛ للوثوق بالإسناد في بعض أجزاء السند .
وإن كان المقصود المعنى المصطلحَ المعروفَ ، فإمّا أن يكون الغرض صحّةَ الحديث باعتبار تمام أجزاء السند ـ كما هو الظاهر ، بناءً على هذا الفرض ، أعني كون المقصود بالحديث هو المعنى المصطلحَ ـ أو الصحّةَ باعتبار الراوي ، فالغرض اعتبار الإسناد ، كما هو الحال بناءً على كون المقصود بالحديث هو المعنى اللغويَّ ، فالصحّة باعتبار بعض أجزاء السند . وقد تقدّم مواردُ لإطلاقها بهذا الاعتبار .

1.شوك آينده ، ص۷۵ .

2.القاموس المحيط ۱ : ۱۷۰ .

3.القوانين المحكمة : ۱ : ۴۰۸ .

4.القوانين المحكمة ۱ : ۴۰۸ .

صفحه از 80