رسالة في « أبي داود » - صفحه 60

[ في دلالة «صحيح الحديث» على الإماميّة وعدمها ]

وقد ظهر بما مرّ أنّه لا دلالة في «صحيح الحديث» على كون الراوي إماميا ، فضلاً عن كونه عادلاً . فما جرى عليه الشهيد الثاني في الدراية من كون «صحيح الحديث» بمنزلة «ثقة» ۱ ـ وهو ظاهر السيّد الداماد ۲ ـ ضعيفٌ ؛ لكونه مبنيّا على حمل الصحّة على المعنى المصطلح عليه عند المتأخّرين ، وحملِ «الحديث» على المعنى المصطلح ، وقد سمعت الكلام فيهما .
وما حكم به الفاضل الجزائري في ترجمة عبد السلام بن صالح ـ من أنّ قولهم : «صحيح الحديث» ينافي كون الراوي عاميا ۳ ـ ضعيفٌ أيضا ؛ لكونه مبنيّا على ما ذكر .
وأورد عليه المحقّق الشيخ محمّد بأنّ «الصحيح» عند المتقدّمين ليس المراد به ما يرويه الإمامي ، بل معناه ما ثبت بالأصل المأخوذ منه بأيّ نوع كان من أنواع الثبوت .
وبمعناه ما أورد به الفاضل الكاظمي من أنّ «الصحيح» في قولهم : «صحيح الحديث» غير المصطلح عليه عند المتأخّرين . ۴
وهو في محلّه .
لكنّ ظاهر الإيرادين ابتناء ذلك المقال على حمل الصحّة في قولهم : «صحيح الحديث» على المعنى المصطلح عليه عند المتأخّرين ، مع أنّه مبنيّ أيضا على حمل الحديث على المعنى المصطلح عليه .
وقد سَمِعْتَ أنّ الظاهر كون الغرض المعنى اللغويَّ ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ «صحيح الحديث» ينصرف إلى كون الراوي إماميا ؛ لكون الغالب في الرواة هو الإماميّةَ ، لكنّ هذا المقال لايُصْلِحُ دعوى منافاة صحّة الحديث لسوء المذهب ، كما سمعت من الفاضل الجزائري ؛ ۵ لابتناء المنافاة على ما ذكر ؛ إذ الظاهر من دعوى المنافاة إنّما هو المنافاة بالذات على تقدير الانصراف .
ويظهر بما مرّ أنّه لاتعارض بين أن يقال : «صحيح الحديث» وأن يقال : «فطحيّ» .
نعم ، يتأتّى التعارض لو كان «صحيح الحديث» ۶ في كلام مَن كان سكوته عن سوء المذهب ظاهرا في حُسْن المذهب ، أعني كون الراوي إماميا بأن كان «صحيح الحديث» في كلام مَن كان إماميا من أهل الرجال ؛ بناءً على كون الظاهر من سكوتهم عن مذهب الراوي كونَه إماميا ، أو كان في كلام من كان كتابه موضوعا لذكر الإماميين .
ويمكن إبداء التعارض لو قلنا بانصراف «صحيح الحديث» إلى كون الراوي إماميا بملاحظة كون الغالب في الرواة هو الإماميّةَ .
ولا إشكال في التعارض لو كان «صحيح الحديث» في كلام بعض المتأخّرين ، مع كون الظاهر عدمَ المتابعة لكلام المتقدّمين من أهل الرجال .
ومن هذا أنّه لو اتّفق ذلك في كلام العلاّمة في الخلاصة لايتأتّى ثبوت التعارض .

1.الدراية : ۷۶ .

2.الرواشح السماوية : ۶۰ ، الراشحة الثانية عشر .

3.حاوي الاقوال ۲ : ۱۱۰ / ۴۴۸ .

4.عدة الرجال ۱ : ۱۱۸ .

5.حاوي الأقوال ۲ : ۱۱۰ / ۴۴۸ .

6.أي عبارة «صحيح الحديث» .

صفحه از 80