رسالة في « أحمد بن محمد » - صفحه 106

[ التنبيه ] الرابع : [ كلام الشهيد الثاني ] [ في تعيين أحمد بن محمّد والكلام فيه ]

أنّه قد حكم الشهيد الثاني في الدراية :
بأنّ أحمد بن محمّد مشترك بين جماعة ، منهم : أحمد بن محمّد بن عيسى ، وأحمد بن محمّد بن خالد ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر ، وأحمد بن محمّد بن الوليد ، وجماعةٍ آخَرين من أفاضل أصحابنا في تلك الأعصار ، ويتميّز عند الإطلاق بقرائن الزمان ؛ فإنّ المرويّ عنه إن كان من الشيخ في أوّل السند أو ما قاربه ؛ فهو أحمد بن محمّد بن الوليد .
وإن كان في آخره مقارنا للرضا عليه السلام ، فهو أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي .
وإن كان في الوسط ، فالأغلب أنّه يريد به أحمد بن محمّد بن عيسى . وقد يُراد غيره ، ويحتاج في ذلك إلى فضل قوّة وتميّز واطّلاع على الرجال ومراتبهم ، ولكنّه مع الجهل لايضرّ ؛ لأنّ جميعهم ثقات ، فالاحتجاج بالرواية سهل . ۱
قوله : «ولكنّه مع الجهل لايضر» إلى آخره .
الظاهر أنّه مربوط بصدر الكلام ممّا قبل قوله : «وقد يُراد غيره» والغرض أنّ تردّد أحمد في السند بين ابن الوليد والبزنطي وابن عيسى لايضرّ ؛ لوثاقة الكلّ . إلاّ أنّ تعيين أحمد في أوّل السند أو ما قاربه في ابن الوليد وفي الوسط في البزنطي وفي الآخر في الرواية عن مولانا الرضا عليه السلام يحتاج إلى المَهارة في الرجال والاطّلاع
على مراتبهم .
وعلى ذلك تقتضي العبارة توثيق ابن الوليد ، كما استفادة جماعة ، كالعلاّمة المجلسي ، ۲ والمحقّق الشيخ محمّد ، ۳
والسيّد السند التفرشي ۴ من العبارة .
ويمكن أن يكون مربوطا بذيل الكلام ، أعني قوله «وقد يُراد غيره» وحينئذٍ لا دلالة في العبارة على التوثيق المُشار إليه .
ويمكن أن يكون كلاما مُستأنفا غير مربوط بخصوص الصدر ، أو بخصوص الذيل ، والغرَض أنّ تعيين أحمد في واحدٍ من الثلاثة أو غيره يحتاج إلى المهارة والاطّلاع على المراتب ، وعلى هذا تتأتّى دلالة العبارة على التوثيق المُشار إليه .
هذا كلّه على تقدير رجوع الضمير المجرور في قوله : «وقد يُراد غيره» إلى أحمد بن محمّد بن عيسى كما يقتضيه القُرب .
وأمّا على تقدير الرجوع إلى أحمد في كلّ من الموارد الثلاثة كما استظهره السيّد السند النجفي ۵ فتتعيّن الدلالة على التوثيق المُشار إليه .
وبالجملة ، يتطرّق الإيراد عليه بأنّ تعيين أحمد في أوّل سند الشيخ وما قاربه في ابن الوليد محلّ المنع ؛ إذ روى الشيخ في التهذيب في باب الديون والكفالات والحوالات والضمانات عن أحمد بن محمّد ، عن عمّار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام . ثمّ روى عنه ، عن عليّ بن الحسن ، عن جعفر بن محمّد إلى آخره . ۶ وقد روى الكليني الرواية الأُولى عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد إلى آخره ، ثمّ
ذكر الرواية الثانية في قوله : «أحمد بن محمّد» ۷
وهذا من باب عنوان مُشاركة الجزء الأوّل من السند اللاحق مع الجزء الثاني من السند السابق .
وقد عبَّر الشيخ عن أحمد في السند الثاني بالضمير ، فالأمر من باب وقوع أحمد صدرَ السند بناءً على كون أحمد صدرَ السند .
ويحتمل كون المقصود بأحمد فيه العاصميَّ ، بل جرى المولى التقيّ المجلسي على كونه المقصودَ . ۸
كما أنّه يحتمل كون المقصود هو ابنَ عيسى أو ابنَ خالد بناءً على كون صدر السند هو محمّدَ بن يحيى ؛ حوالةً للحال إلى السند السابق ، كما هو مقتضى ما مرّ من الشيخ بناءً على تفطّنه بطريقة الكليني ، بل هو مقتضى ما نقله المولى التقيّ المجلسي عن الفضلاء كما مرّ ، ۹ فتعيين أحمد في أوّل سند الشيخ في ابن الوليد ليس على ما ينبغي .
وأيضا روى الشيخ في التهذيب في باب ميراث أهل المِلل المختلفة ، عن محمّد بن يعقوب ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحسن الميثمي ، عن أخيه أحمد بن الحسن عن أبيه ، عن جعفر بن محمّد ، عن ابن رباط ، رفعه ، قال أميرالمؤمنين عليه السلام . وتقدّمت هذه الرواية . ۱۰
والمقصود بأحمد بن محمّد في رواية الكليني هو العاصميَّ كما يظهر ممّا مرّ ، فالمقصود بأحمد بن محمّد في رواية التهذيب فيما قارب الجزء الأوّل في الرواية المذكورة هو العاصمي ، فتعيين أحمد فيما قارب الجزء الأوّل في سند
الشيخ في ابن الوليد كما ترى .
وأيضا ذكر الشيخ في المشيخة أنّ ما رواه عن أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد فهو عن أحمد بن محمّد بن موسى ، عن أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد ، ۱۱ فلو اتّفق أحمد بن محمّد في الجزء الثاني من السند ـ وهو ممّا قارب الجزء الأوّل ـ يحتمل أن يكون هو أحمدَ بن محمّد بن سعيد .
وإن قلت : إنّ الرواية عن أحمد بن محمّد بن سعيد مُنحصرة في الرواية عن أحمد بن محمّد بن موسى على ما يقضي به ما ذكر من نقل الشيخ طريقه إلى أحمد بن محمّد بن سعيد .
قلت : إنّ مقتضى ما ذَكَر من نَقْل الطريق إلى أحمد بن محمّد بن سعيد انحصارُ الواسطة بين الشيخ وأحمد بن محمّد بن سعيد لو روى عن أحمد بن سعيد مبدوّا به في الإسناد في أحمد بن محمّد بن موسى ، ولايقتضي انحصارَ الواسطة بين الشيخ وأحمد بن محمّد بن سعيد في أحمد بن محمّد بن موسى مطلقا ، كما أنّه لايقتضي انحصار رواية الشيخ عن أحمد بن محمّد بن سعيد فيما لو كان أحمد بن محمّد بن سعيد مبدوّا به في الإسناد .
ولا بأس بوقوع من ذُكِرَ الطريق إليه في وسَط السند .
والأمر نظير رواية بلاواسطة ومع الواسطة ، ونظير أنّه قد ذكر الشيخ في المشيخة الطريق إلى الكليني ، ۱۲ والكليني قد وقع في الطريق إلى عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، ۱۳ ومحمّد بن يحيى العطّار ، ۱۴
وأحمد بن إدريس ، ۱۵ والحسين بن
محمّد ، ۱۶ ومحمّد بن إسماعيل ، ۱۷ وحميد بن زياد ، ۱۸ وأحمد بن محمّد بن عيسى ، ۱۹ وأحمد بن محمّد بن خالد ، ۲۰ والفضل بن شاذان . ۲۱
وكذا ذَكَرَ في المشيخة الطريق إلى الصدوق ، ۲۲ والصدوق قد وقع في الطريق إلى والده ، ۲۳ وكلّ منهما قد وقع في الطريق إلى سعد بن عبد اللّه . ۲۴
وكذا روى الصدوق عن الشريف بن سابق التفليسي ولم يذكُر الطريق إليه ، والشريف قد وقع في طريق الصدوق إلى الفضل بن أبي قرّة ، ۲۵ فتعيين أحمد ـ فيما قارب الجزء الأوّل في سند الشيخ ـ في ابن الوليد ليس بالوجه .
وأيضا لم أجِد رواية الشيخ عن ابن الوليد إلاّ مع الواسطة ، بل لم أجِدها إلاّ بتوسُّط الشيخ المفيد . وقد اعترفَ بعض الأعلام أيضا بأنّه لم يجِد رواية الشيخ عن ابن الوليد إلاّ مع الواسطة ، فتعيين أحمد في أوّل سند الشيخ في ابن الوليد ظاهر السقوط .
وأيضا إن كانت الرواية الشيخ عن أحمد بن محمّد بتوسّط الحسين بن عبيد اللّه ـ وهو الغضائري ـ فالمقصود بأحمد هو أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار؛ لوقوع أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار في الرواية عنه بتَوسُّط الحسين بن عبيد اللّه كثيرا . مضافا إلى قول الشيخ في الفهرست في ترجمة
محمّد بن أحمد بن يحيى العطّار : «أخبرنا عنه الحسين بن عبيد اللّه وأبو الحسن بن جيد القمّي» ، ۲۶ وإن أمكن أن يكون هو ابنَ الوليد ؛ قضيّةَ أنّ مقتضى ما ذكره الشيخ في الطريق إلى محمّد بن الحسن الصفّار شيخوخة ابن الوليد للشيخ المفيد ، وكذا للحسين بن عبد اللّه . ۲۷
وكذا أمكن أن يكون المقصود بأحمد بن محمّد في رواية الشيخ المفيد هو أحمدَ بن محمّد بن يحيى العطّار ؛ لمساعدة الطبقة ؛ حيث إنّ أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار روى عنه التلّعكبري هارون بن موسى ، وهو قد مات سنة خمس وثمانين وثلاثمائة على ما ذكره النجاشي ، ۲۸ والشيخ المفيد قد توفّي في سنة ثلاث عشرة وأربعمائة على ما ذكره النجاشي ۲۹ وغيره ، ۳۰ لكن مُقتضى ما سمعتَ من كلام الشيخ في الفهرست هو كون رواية الشيخ عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار بتوسُّط الحسين بن عبيد اللّه .
وممّا ذكر في هذا الوجه والوجه السابق يظهر أنّ المقصود بأحمد بن محمّد بقولٍ مُطلق فيما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد بتوسُّط الحسين بن عبيد اللّه إنّما هو أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار ، وأنّ المقصود بأحمد بن محمّد بقولٍ مُطلق فيما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد بتوسُّط الشيخ المفيد إنّما هو ابن الوليد كما بنى عليه المحقّق الشيخ محمّد ، قال :
إنّ الذي سمعناه من الشيوخ ورأيناه بعين الاعتبار عند مراجعة الأخبار أنّ رواية الشيخ المفيد عن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد هي
المستمرّة ، كما أنّ رواية الحسين بن عبيد اللّه الغضائري عن أحمد بن محمّد بن يحيى هي المستمرّة ، فإذا ورد الإطلاق في كلا الرجلين بالنظر إلى الروايتين تعيّن كلّ واحد من المذكورين بما استمرّت روايته عنه . ۳۱
فإن قلت : قد ذكر الشيخ في طُرُقه آخِرَ الكتاب طريقا إلى محمّد بن الحسن الصفّار عن الشيخ أبي عبد اللّه والحسين بن عبيد اللّه وأحمد بن عبدون ، كلّهم عن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن أبيه ۳۲ فدلّ هذا على أنّ أحمد بن محمّد بن الحسن شيخ لكلٍّ من الشيخ المفيد والحسين بن عبيد اللّه ، فكيف حكمت باختصاص الحسين بن عبيد اللّه بأحمد بن محمّد بن يحيى ؟ !
قلت : الأمر كما ذكرت ، إلاّ أنّ كلامنا في عادة الشيخ في الأسانيد ، ولم نقِف على حديث يتضمّن سنده الحسينَ بن عبيد اللّه عن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد .
هذا كلّه إنّما يتعلّق بما ذكره فيما لو وقع أحمد بن محمّد في أوّل سند الشيخ أو ما قاربه .
وأمّا ما ذكره من أنّه لو وقع أحمد بن محمّد في آخر السند مقارنا للرضا عليه السلام ۳۳ فهو البزنطي ، فيتطرّق الإيراد عليه بأنّه يحتمل أن يكون أحمد بن محمّد واقعا في آخر السند مُقارنا لمولانا الرضا عليه السلام هو أحمدَ بن محمّد بن عيسى ؛ لأنّ أحمد بن محمّد بن عيسى قد عدّه الشيخ في الفهرست من أصحاب مولانا الرضا عليه السلام ، وذكره الشيخ في الرجال في أصحاب مولانا الرضا والجواد والهادي عليهم السلام إلاّ أنّه قال في أصحاب مولانا الجواد عليه السلام : «أحمد بن محمّد بن عيسى من أصحاب الرضا عليه السلام» . ۳۴
وربما يستفاد منه أنّه كان من خواصّ مولانا الرضا عليه السلام .
وذكره النجاشي من أصحاب مولانا الرضا والجواد والهادي عليهم السلام . ۳۵
وعدّه العلاّمة في الخلاصة من أصحاب مولانا الرضا والجواد والعسكري عليهم السلام . ۳۶
إلاّ أنّ الظاهر أنّ العسكري اشتباه عن الهادي عليه السلام ؛ لأنّ الظاهر أنّ ما ذكره العلاّمة مأخوذ من كلام النجاشي ، قضيّةَ دأبه ودَيْدَنه ، وقد سمعت أنّ النجاشي ذكره من أصحاب مولانا الهادي ، مضافا إلى مولانا الرضا والجواد .
مضافا إلى بُعد الرواية عن مولانا الجواد ومولانا العسكري دون مولانا الهادي ، وهو ولد مولانا الجواد ووالد مولانا العسكري عليهماالسلام ، فكون أحمد بن محمّد بن عيسى من أصحاب مولانا الرضا عليه السلام محلّ الاتّفاق .
فلاوجه لعدم احتماله فيما لو روى أحمد بن محمّد في آخر السند مقارنا لمولانا الرضا عليه السلام .

1.الدراية في علم مصطلح الحديث : ۱۲۸ .

2.رجال المجلسي : ۱۵۳ .

3.الاستقصاء الاعتبار ۱ : ۳۹ .

4.نقد الرجال ۱ : ۱۵۳ .

5.رجال السيّد بحر العلوم ۲ : ۱۷ .

6.تهذيب الأحكام ۶ : ۱۹۱ ، ح ۴۱۲ ، ۴۱۳ ، باب الديون والحوالات والضمانات ؛ وفيه : «أحمد بن محمّد عن ابن فضال عن عمّار ...» .

7.الكافي ۵ : ۱۰۲ ، باب إذا التوى الذين عليه الدين على الغرماء .

8.روضة المتّقين ۱۴ : ۴۴ و ۳۳۲ .

9.روضة المتّقين ۱۴ : ۳۳۳ .

10.تهذيب الأحكام ۹ : ۳۷۱ ، ح ۱۳۲۶ ، باب ميراث أهل الملل المختلفة ؛ وفيه : «عن جعفر بن محمّد بن رباط» .

11.تهذيب الأحكام (شرح المشيخة) ۱۰ : ۷۷ .

12.المصدر ۱۰ : ۵ .

13.المصدر ۱۰ : ۲۹ .

14.المصدر ۱۰ : ۳۳ .

15.المصدر ۱۰ : ۳۵ .

16.تهذيب الأحكام (شرح المشيخة) ۱۰ : ۳۶ .

17.المصدر ۱۰ : ۳۷ .

18.المصدر ۱۰ : ۳۸ .

19.المصدر ۱۰ : ۴۲ .

20.المصدر ۱۰ : ۴۴ .

21.المصدر ۱۰ : ۴۷ .

22.المصدر ۱۰ : ۷۴ .

23.المصدر ۱۰ : ۷۴ .

24.المصدر ۱۰ : ۷۳ .

25.الفقيه (شرح المشيخة) ۴ : ۸۱ ؛ رجال الطوسي : ۴۴۴ / ۳۶ .

26.الفهرست : ۱۴۴ / ۶۱۲ ، وانظر رجال الطوسي : ۴۴۹ / ۶۰ .

27.تهذيب الأحكام (شرح المشيخة) ۱۰ : ۵۹ .

28.ذكره الشيخ الطوسي في رجاله : ۵۱۶ / ۱ ، والعلاّمة في خلاصة الأقوال : ۱۸۰ / ۱ .

29.رجال النجاشي : ۳۹۹ / ۱۰۶۷ .

30.كالشيخ في الفهرست : ۱۵۷ / ۷۰۶ ؛ والعلاّمة في خلاصة الأقوال : ۱۴۷ / ۴۵ .

31.استقصاء الاعتبار ۱ : ۴۰ .

32.تهذيب الأحكام (شرح المشيخة) ۱۰ : ۵۸ .

33.الفهرست : ۲۵ / ۷۵.

34.رجال الطوسي : ۳۶۶ / ۳ ؛ وص ۳۹۷ / ۶ ؛ وص ۴۰۹ / ۳ .

35.رجال النجاشي : ۸۱ / ۱۸۹ .

36.خلاصة الأقوال : ۱۳ / ۲ .

صفحه از 161