رسالة في « حسين بن محمد » - صفحه 170

[ في «ابن بابويه» الوارد في كلام الكليني ]

ثمّ إنّ في الكافي في باب مولد مولانا عليّ بن الحسين عليهماالسلام رواية في ذيلها أنّ عليّ بن الحسين كان يحجّ على ناقة كانت له ولم يقرعها قرعة ، فقال ابن بابويه : الحسين بن محمّد بن عامر عن أحمد بن إسحاق بن سعيد ۱ عن سعدان بن مسلم عن أبي عمارة عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام . ۲
وقد اختلف في المراد بالعبارة على وجوه :
أحدها : ما نقله العلاّمة المجلسي في الحاشية بخطّه الشريف عن قائلٍ ، وهو
أنّ المراد عليّ بن بابويه ، والكلام كلام التلميذ الّذي جمع نسخ الكافي ، أي كان هذا الخبر في نسخة عليّ ، ولم يكن في باقي نسخ الكافي ، ويحتمل رواية الكليني عنه . ۳ انتهى .
وعلى الأخير يلزم رواية الكليني عنه وعن الحسين بن محمّد بتوسّط ابن بابويه رأسَ السند .
ثانيها : ما نقله العلاّمة المشار إليه احتماله عن الوافي ، وهو أن يكون «أين» بمعنى المكان ، وأبويه بمعنى والديه ، يعني أنّي لا أجد مثل أبويه ، فيكون المراد إنّه لا يوجد مثل أبويه في الشرف ، ولهذا كان كذلك . ۴ انتهى .
وعلى هذا يكون الحسين بن محمّد رأسَ السند ، ويكون رواية الكليني عن الحسين بن محمّد بلاواسطة .
ويرشد التقييد إلى كون المقصود بالحسين بن محمّد هو ابنَ عامر ، وإن أمكن القول بتأتّي الإرشاد على الوجه السابق أيضاً .
ثالثها : مانقله العلاّمة المشار إليه عن بعض أفاضل معاصريه ، وهو أنّ العبارة ابن شهربانويه صار في الفضل إلى هذه المرتبة ، ۵ انتهى .
والحال على هذا على منوال الحال في الوجه السابق .
رابعها : ما جرى عليه نفسه ـ بعد تزييف الوجوه السابقة بأنّ كلّها نشأ من عدم التتبّع والربط بمصطلحات القوم ـ وهو : أنّ «ابن بابويه» كما اتّفقت عليه النسخ ، والمراد به الصدوق ، فإنّه من رُواة الكافي ، كما هو المذكور في إجازات الأصحاب ، ولمّا كانت النسخ التي رواها التلامذة عن الكليني مختلفةً في بعض المواضع ، فعرض الأفاضل المتأخّرون عن عصرهم نُسخَ الكتاب بعضها على
بعض ، فما كان فيه خلاف أشاروا إليه ، كما في عرض الكتاب في نسخة الصفواني ونسخة النعماني . فهذا أيضاً إشارة إلى أنّ الحديث المذكور إنّما كان في نسخة الصدوق ، ولم يكن في سائر النسخ .
قال : فهكذا حقّق المقام ، ولاتصغ إلى ما صحّفوه لقلّة التدرّب بأساليب الكلام . ۶ انتهى .
والحال على هذا على منوال الوجهين السابقين .
أقول : إنّ ما جرى عليه العلاّمة المشار إليه هو الأظهر بناءً على ما نقله ممّا ذُكر في إجازات الأصحاب من كون الصدوق من رُواة الكافي .
وأمّا ما نقله عن الوافي وبعض أفاضل معاصريه فهو في غاية البُعْد ، مضافاً إلى المخالفة لما اتّفقت عليه النسخ ، كما نقله العلاّمة المشار إليه . لكنّ الاتّفاق غير ثابت ، بل ثابت العدم ؛ إذ بعض النسخ «ابن بابويه» .
وأمّا كون الأمر من باب الرواية عن عليّ بن بابويه فهو وإن كان ممكناً ؛ قضيّة المعاصرة بشهادة أنّ الكليني توفّي في سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة على ما ذكره الشيخ في الفهرست ۷ كما عن الرجال ، ۸ أو في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة على ما ذكره النجاشي ۹ والعلاّمة في الخلاصة ، ۱۰ وعليّ بن بابويه توفّي سنة تسع وعشرين وثلاثمائة على ما ذكره النجاشي ۱۱ والعلاّمة في الخلاصة ، ۱۲ أو في سنة سبع و عشرين وثلاثمائة على ما يظهر من الصدوق
في إكمال الدين ـ نقلاً ـ حيث قال :
حدّثنا أبو الحسن صالح بن شعيب الطالقاني رحمه الله في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة ، قال : حدّثنا أبو عبد اللّه أحمد بن إبراهيم بن مخلد . قال : حضرت بغداد عند المشايخ رحمهم اللّه ، فقال الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمّد السمري ابتداءً منه : رحم اللّه عليَّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي . قال : فكتب المشايخ تأريخ ذلك اليوم ، فورد الخبر أنّه توفّي ذلك اليوم ، ومضى أبو الحسن السمري بعد ذلك في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة . ۱۳
فعلى هذا يكون وفاة عليّ بن الحسين إمّا في سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة أو في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة .
وبشهادة ما ذكره المولى التقي المجلسي من أنّ الصدوق عاصر الكليني في برهة من الزمان لكن لم يتّفق لقاؤه إيّاه ؛ ۱۴ إذ على هذا يلزم معاصرة عليّ بن موسى بن بابويه للكليني بالأولويّة .
وبشهادة رواية عليّ بن الحسين عن مشايخ الكليني ، كعليّ بن إبراهيم ومحمّد بن يحيى والحسين بن محمّد وغيرهم .
لكن ذلك ـ أعني رواية الكليني عن ابن بابويه ـ بعيد ؛ لبُعْد نقل المعاصر عن معاصره ، مضافاً إلى عدم اتّفاق رواية الكليني عن ابن بابويه في روايةٍ اُخرى .
وبالجملة ، فقوله : «ابن بابويه» على الوجهين الوسطين جزء الرواية السابقة ، وأمّا على الجنبين فهو من قبيل رأس السند . ومن هذا أنّه لم يأتِ
في البحار بذكر ذلك في ذيل الرواية المتقدّمة وإن لم يذكره في صدر السند ؛ لعدم النقل عن الكافي ؛ لأنّ الرواية في البحار منقولة عن منتخب البصائر والبصائر . ۱۵

1.في المصدر : «سعد» بدلاً عن «سعيد» .

2.الكافي ۱ : ۴۶۷ ، ح ۲ و ۳ و ۴ ، باب مولد عليّ بن الحسين عليهماالسلام .

3.مرآة العقول ۶ : ۹ ، ذيل ح ۳ .

4.مرآة العقول ۶ : ۹ ، وانظر : الوافي ۳ : ۷۶۴ ، ذيل ح ۱۳۸۷ ، باب ما جاء في عليّ بن الحسين عليهماالسلام .

5.مرآة العقول ۶ : ۱۰ ، ذيل ح ۳ .

6.انظر مرآة العقول ۶ : ۹ ؛ والكافي ۱ : ۴۶۸ ، هامش ۱ .

7.الفهرست : ۱۳۵ / ۶۰۱ .

8.رجال الشيخ : ۴۹۵ / ۲۷ .

9.رجال النجاشي : ۲۷۷ / ۱۰۲۶ .

10.خلاصة الأقوال : ۱۴۵ / ۳۶ .

11.رجال النجاشي : ۲۶۲ / ۶۸۴ .

12.خلاصة الأقوال : ۹۴ / ۲۰ .

13.كمال الدين ۲ : ۵۰۳ ، ح ۳۲ ، الباب الخامس والاربعون .

14.روضة المتّقين ۱۴ : ۲۶۰ .

15.بحار الأنوار ۴۶ : ۱۴۷ ، ح ۲ ، باب وفاته عليه السلام ؛ بصائر الدرجات : ۷ .

صفحه از 198