رسالة في« حفص بن غياث » و « سليمان بن داودالمنقري » و « قاسم بن محمد» - صفحه 206

[ أدلّة كون حفص إماميّا ]

ويستفاد كونه إماميّا ممّا رواه الكليني ـ في باب فضل حامل القرآن ـ بالإسناد عن حفص بن غياث قال :
سمعت موسى بن جعفر عليهماالسلام يقول لرجل : «أتحبّ البقاء في الدنيا ؟» فقال : نعم ، فقال : «ولِمَ ؟» قال : لقراءة «قل هو اللّه أحد» فسكت عنه ، فقال : لي بعد ساعةٍ : «يا حفص مَنْ مات من أوليائنا ولم يحسن القرآن عُلّم في قبره ليرفع اللّه به من درجته ، فإنّ درجات الجنّة على قدر آيات القرآن ، يقال له : اقرأ آية وارق فيقرأ ثمّ يرقى» قال حفص : فما رأيت أحدا أشدّ خوفاً على نفسه من موسى بن جعفر عليهماالسلامولا أرجى الناس منه ،
وكانت قراءته حزنا ، فإذا قرأ فكأنّما يخاطب إنسانا . ۱
وكذا ما رواه الكليني في روضة الكافي بالإسناد عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال :
«إن قدرتم أن لا تُعرفوا فافعلوا ، وما عليك إن لم يثن الناس عليك وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عنداللّه تبارك وتعالى ، إنّ أميرالمؤمنين عليه السلامكان يقول : لاخير في الدنيا إلاّ لأحد رجلين : رجل يزداد فيها كلّ يوم إحسانا ، ورجل يتدارك منيّته بالتوبة وأنّى له بالتوبة ، فواللّه أن لو سجد حتّى ينقطع عنقه ما قَبِل اللّه عزّوجلّ منه عملاً إلاّ بولايتنا أهل البيت ، ألا ومَنْ عرف حقّنا ، ورجا الثواب بنا ، ورضي بقوته نصف مدّ كلّ يوم ، وما يستر به عورته ، وما أكنّ به رأسه وهُمْ مع ذلك خائفون وجلون ودّوا أنّه حظّهم من الدنيا ، وكذلك وصَفهم اللّه عزّوجلّ حيث يقول : «وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ ءَاتَواْ وَّ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ»۲ ما الذي آتوا به ؟ آتوا واللّه بالطاعة مع المحبّة والولاية وهُمْ مع ذلك خائفون أن لا يُقبل منهم ، وليس خوفهم خوف شكّ فيما هُمْ فيه من إصابة الدين ، ولكن خافوا أن يكونوا مقصّرين في محبّتنا وطاعتنا» ثمّ قال : «إن قدرت أن لا تخرج من بيتك فافعل ، فإنّ في خروجك أن لا تغتاب ولا تحسد ولا ترائي ولا تتصنّع ولا تداهن» ثمّ قال : «نعم ، صومعة المسلم بيته يكّف فيه بصره ولسانه ونفسه وفرجه ، إنّ مَنْ عرف نعمة اللّه بقلبه استوجب المزيد من اللّه عزّوجلّ قبل أن يظهر شكرها على لسانه ، ومَنْ ذهب يرى أنّ له على الآخَر فضلاً فهو من المستكبرين» فقلت له : إنّما يرى أنّ له عليه فضلاً
بالعاقبة ۳ إذا رآه مرتكباً للمعاصي ؟ فقال : « هيهات هيهات ، فلعلّه أن يكون غفر له ما أتى وأنت موقوفٌ محاسب ، أما تلوت قصّة سحرة موسى ؟» ثمّ قال : «كَمْ من مغرورٍ بما أنعم اللّه عليه ، وكَمْ من مستدرج يستر اللّه عليه ، وكَمْ من مفتون بثناء الناس عليه» ، ثمّ قال : «إنّي لأرجو النجاة لمن عرف حقّنا من هذه الأُمّة إلاّ لأحد ثلاثة : صاحب سلطان جائر ، وصاحب هوى ، والفاسق المعلن» ثمّ تلا : « إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ »۴ ثمّ قال : «يا حفص ، الحبّ أفضل من الخوف» ثمّ قال : «واللّه ما أحبّ اللّه مَنْ أحبّ الدنيا ووالى غيرنا ، ومَنْ عرف حقّنا وأحبّنا فقد أحبّ اللّه تبارك وتعالى» ، فبكى رجل ، فقال : «أتبكي ؟ لو أنّ أهل السماوات والأرض كلّهم اجتمعوا يتضرّعون إلى اللّه عزّوجلّ أن ينجيك من النار ويدخلك الجنّة لم يشفّعوا فيك» ثمّ قال : «يا حفص ، كُنْ ذنبا ولا تكن رأسا ، يا حفص ، قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : مَنْ خاف اللّه كَلّ لسانه ، ثمّ قال : بينا موسى بن عمران عليه السلاميعظ أصحابه إذ قام رجلٌ فشقّ قميصه ، فأوحى اللّه عزّوجلّ إليه : يا موسى قل له : لا تشقّ قميصك ، ولكن اشرح لي عن قلبك ، ثمّ قال : مرّ موسى بن عمران عليه السلامبرجلٍ من أصحابه [وهو ساجد] ۵ فانصرف من حاجته وهو ساجد على حالته ، فقال [له] ۶ موسى عليه السلام : لو كان حاجتك بيدي لقضيتها لك ، فأوحى اللّه عزّوجلّ إليه : يا موسى لو سجد حتّى ينقطع عنقه ما قبلتُه حتّى يتحوّل عمّا أكره إلى ما اُحبّ» . ۷

1.الكافي ۲ : ۶۰۶ ، ح ۱۰ ، باب فضل حامل القرآن .

2.المؤمنون (۲۳) : ۶۰ .

3.قوله : بالعاقبة ، بالقاف والباء الموحّدة . [و] في بعض النسخ بالفاء والياء المثنّاة التحتانيّة غلط . (منه رحمه اللّه ) .

4.آل عمران (۳) : ۳۱ .

5.ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر .

6.ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر .

7.الكافي ۸ : ۱۲۸ ، ح ۹۸ ، باب لايقبل اللّه عملاً إلاّ بولاية أهل البيت عليهم السلام.

صفحه از 226