رسالة في « حمّاد بن عثمان » - صفحه 236

[ أدلّة القول بالتعدّد ]

وقد يستدلّ على القول بالتعدّد بوجوه :
أحدها : اختلاف الجَدّ ؛ حيث إنّ جدّ العرازي عمرو بن خالد على ما ذكره النجاشي ، وجَدَّ الناب زيادٌ على ما يقتضيه كلام حَمْدويه .
ويمكن دفعه باحتمال أن يكون النسبة إلى زياد من باب النسبة إلى الجدّ البعيد ، ونظيره غير عزيز ، فلاينافي ذلك كونُ الجدّ القريب للناب هو عمرو بن خالد ، فلا يقضي اختلاف الجدّ باختلاف حمّاد بن عثمان .
ثانيها : اختلاف اللقب .
ويندفع بأنّ مقتضاه الاتّفاق على التلقّب واللقب ، مع أنّ النجاشي لم يذكر لقباً رأساً ، وكلام غيره دائر بين كون اللقب هو النابَ أو ذو الناب ، بل الظاهر من سكوت النجاشي عن ذكر اللقب إنكار التلقّب ؛ قضيّةَ أنّ الظاهر من ترك ذكر ما يتعلّق بالمعنون في مقام استيفاء ما يتعلّق به ـ كما هو حقّ الترجمة ـ إنّما هو انتفاء متروك الذكر ؛ من باب ظهور السكوت في مقام البيان في انتفاء المسكوت عنه . ومن هذا مفهوم البيان كما هو حديث معروف ، وقد حرّرناه في الأُصول استنقاذاً من كلماتهم . لكنّ الأكثر من الأُصوليّة لم يذكروا له عنواناً .
وإن قلت : إنّ النجاشي قد ذكر العرازي ، وكلام غيره دائر في اللقب بين الناب وذي الناب كما ذكر ، فأصل الاختلاف في اللقب بلا ريب .
قلت : إنّ العرازي ليس من باب اللقب ، بل إنّما هو من باب النسبة ، ويأتي الاستدلال باختلاف النسبة .
ثالثها : اختلاف النسبة بالعرازي والرواسي ، حيث إنّ المذكور في كلام النجاشي إنّما هو العرازي ، والمذكورَ في كلام حمدويه إنّما هو الرواسي .
ويندفع بأنّ النسبة في الرواسي من باب النسبة إلى البلد ، كما يرشد إليه قول صاحب القاموس : «والروّاسِي لَحْنٌ ، منه : عمر بن عبد الكريم الدهستاني الرواسي» . ۱
والنسبة في العرازي من النسبة إلى الطائفة على ما يقتضيه قول النجاشي : «مولاهم» ، فلا دلالة في اختلاف النسبة على اختلاف حمّاد بن عثمان ؛ قضيّةَ عدم دلالة اختلاف النسبة مع اختلاف نوعِ المنسوب إليه على اختلاف المنسوب .
نعم ، يتأتّى الدلالة في صورة اتّحاد نوع المنسوب إليه من البلد أو غيره .
نعم ، يمكن القول بأنّ مقتضى كلام النجاشي أنّ بلد حمّاد بن عثمان هو العرزم ، ومقتضى كلام حمدويه أنّ بلده الرواس ، فيتأتّى اختلاف البلد المنسوب إليه ، ومقتضاه اختلاف المنسوب .
إلاّ أن يقال إنّه يمكن أن يكون العرزم جزءَ الرواس وبالعكس ، ولا دلالة في اختلاف البلد المنسوب إليه بالعموم والخصوص على اختلاف المنسوب ، فلم يتّجه الاستدلال باختلاف النسبة على التعدّد .
ويمكن القول أيضاً بأنّ المقصود بالعرازة البلد ، وإضافة المولى إلى ضمير الجمع باعتبار أهل البلد ، فيتّجه الاستدلال باختلاف النسبة على التعدّد .
لكنّه يندفع ـ مضافاً إلى ما يظهر ممّا سمعت في باب العرزم ـ بأنّه خلاف الظاهر ،ونظيره غير مأنوس في كلمات أرباب الرجال ، فضلاً عمّامرّ من أنّ العرازة رأس حيّ من غطفان ، كما يقتضيه كلام صاحب القاموس ، ۲ بل أهل اللغة نقلاً .
رابعها : اختلاف توصيف حمّاد بالعرازي في كلام النجاشي ، ۳ وكونه مولى غني في كلام حَمْدَويه . ۴
وفيه : أنّه بناءً على كون العرازة رأسَ حيّ من غطفان كما مرّ ، وكونِ الغني حيّاً من غطفان كما تقدّم ، فالتوصيف تارة بالمتبوع وأُخرى بالتابع ، ولا دلالة في اختلاف التوصيف على ذلك على التعدّد ، كيف ولو كان مطلق اختلاف التوصيف كاشفاً عن التعدّد ، فهو ـ بعد وضوح فساده ـ يستلزم تعدّد حمّاد الناب أو ذي الناب ؛ لتوصيفه في كلام الشيخ في باب
أصحاب الصادق عليه السلام : بأنّه مولى غني ، ۵ وفي باب أصحاب الكاظم عليه السلام : بأنّه مولى الأزد . ۶
خامسها : اختلاف الأخ شخصاً فضلاً عن اختلافه وصفاً بالوحدة والتعدّد ؛ حيث إنّ مقتضى كلام النجاشي أنّ أخا حمّاد بن عثمان عبد اللّه ، ومقتضى كلام حَمْدويه أنّ أخاه الحسين وجعفر .
ويضعّف بأنّ مقتضى كلام النجاشي في ترجمة الحسين ۷ وجعفر ۸ إنكار أُخوّتهما لحمّاد ؛ لعدم ذكر الأُخوّة في ترجمتهما ، ولا سيّما مع أنّه ذَكر في ترجمة جعفر أُخوّةَ الحسين له ، فهذا يوهن أُخوّة الحسين وجعفر لحمّاد بن عثمان كما في كلام حَمْدويه ، فلم يثبت اختلاف الأخ ، فلا يتمّ الاستدلال به على التعدّد .
فإذن نقول : إنّ المقام وإن كان للمقال فيه مجالٌ ، إلاّ أنّ الظاهر أنّ نقل الإجماع على التصحيح من الكشّي إنّما كان في باب الملقّب بالناب ؛ قضيّةَ أنّ الظاهر أنّه كان مشهورا ، بل يرشد إليه قول ابن داود : «يعرف بالناب» ، ۹ فمن البعيد كمالَ البُعد عدم اطّلاع النجاشي على الناب مع كونه معروفا ، فضلاً عن كونهِ موردَ نقلِ الإجماع على التصحيح بعد كونه مغايراً للعرازي ، وكذا الحال في الإخلال بالذِكْر ، بل الأمر فيه أدهى وأمرُّ ، فالظاهر اتّحاد حمّاد بن عثمان
لكن نقول : إنّه إنّما يتمّ التمسّك بذلك بناءً على اتّحاد العنوان في كلام
الكشّي ، وإلاّ فلا مجالَ للتمسّك بذلك ، إلاّ أن يقال : الظاهر اتّحاد العنوان في كلام الكشّي ، بل الظاهر انطباق أكثر نسخ الكشّي غير نسخة واحدة على اتّحاد العنوان ، وفيه الكفاية في البناء على اتّحاد العنوان في كلام الكشّي ، وأيضاً اتّحاد زمان موت العرازي والناب ـ كما يظهر ممّا مرّ ـ مُظهر عن اتّحاد حمّاد بن عثمان .

1.القاموس المحيط ۲ : ۲۲۶ (رأس) . وفيه : «الرآّسِي» بدلاً عن «الروّاسي» .

2.القاموس المحيط ۴ : ۳۷۴ (غنى) .

3.رجال النجاشي : ۱۴۳ / ۳۷۱ .

4.خلاصة الأقوال : ۵۶ / ۳ .

5.رجال الشيخ : ۱۷۳ / ۱۳۹ .

6.رجال الشيخ : ۳۴۶ / ۲ .

7.انظر رجال النجاشي : ۵۳ / ۱۱۹ .

8.انظر رجال النجاشي : ۱۲۴ / ۳۲۰ .

9.رجال ابن داود : ۸۴ / ۵۲۱ .

صفحه از 276