رسالة في « محمد بن أبي عمير » - صفحه 440

وأمّا الثاني : [ الكلام في مراسيله ]

فقد صرّح جماعة ـ كالعلاّمة في النهاية والشهيد في الذكرى وفخر المحقّقين
في شرح المبادى? والعميدى¨ في المنية وشيخنا البهائي في الوجيزة ـ : بأنّه لايرسل إلاّ عن ثقة ، وبه صرّح الشيخ في العدّة ، بل عن جماعة من أصحابنا ـ كالنجاشي والشهيدين في الذكرى وشرح الدراية والمقدّس في المجمع ـ دعوى اتّفاق الأصحاب على العمل بمراسيل ابن أبي عمير . ۱
وعن العلاّمة البهبهاني أنّ مراسيل ابن أبي عمير في حكم المسانيد عند الفقهاء لو لم تكن أقوى عند القدماء ، قال : ويظهر من الشيخ أنّه معروف بأنّه لايرسل إلاّ عن ثقة . ۲
وعن السيّد السند النجفي أنّ مراسيل ابن أبي عمير لاتقصر عن المسانيد ؛ لسكون الأصحاب إليها ، واتّفاقهم على أنّه لايرسل إلاّ عن ثقة ، قال : فالظنّ الحاصل من مرسلات ابن أبي عمير لايقصر عن مسانيد الثقات . ۳
وقد اتّفقت الدعوى المذكورة ، في كلام المحقّق في المعتبر في كتاب الطهارة ، إلاّ أنّه منع عنه في مسألة سنن الطهارة . ۴
وقدح أيضاً في أواخر كتاب الطهارة في بعض مراسيل ابن أبي عمير . ۵
وكذا في كلام العلاّمة في كتاب البيع ، بل في المنتهى في باب المطهّرات . ۶
وكذا في كلام الشهيد في المسالك في مسألة مَنْ أوقب غلاما حرم عليه اُمّه . ۷
بل مقتضى كلام الشيخ في العدّة : أنّ منشأ اتّفاقهم على قبول مراسيله هو كونه
لايُرسِل إلاّ عن ثقة . ۸
وهو مقتضى عبارة الذكرى ۹ نقلاً ، بل هو المعروف كما في كلام السيّد السند المحسن الكاظمي . ۱۰
قال السيّد الداماد :
إنّ مراسيل محمّد بن أبي عمير تعدّ في حكم المسانيد ؛ لما ذكره الكشّي من أنّه حُبس بعد الرضا عليه السلام ونُهب ماله وذهبت كتبه ، وكان يحفظ أربعين جلداً ، ولذلك أرسل أحاديثه .
وقال النجاشي : إنّ اُخته دفنت كتبه في حال استتاره وكونه في الحبس أربع سنين ، فهلكت الكتب .
وقيل : بل تركتها في غرفة فسال عليها المطر فهلكت ، فحدّث من حفظه وممّاكان سلف له في أيدي الناس ، فلذلك أصحابنا يسكنون إلى مراسيله .
وبالجملة ، كان يروي مايرويه بأسانيد [صحيحة] ، فلمّا ذهبت كتبه أرسل رواياته التي كانت هي المضبوطة المعلومة المسندة عنده بسندٍ صحيح ، فمراسيله في الحقيقة مسانيد معلومة الاتّصال والإسناد إجمالاً وإن فاتته طرق الإسناد على التفصيل ، إلاّ أنّها مراسيل على المعنى المصطلح حقيقةً ، والأصحاب يسحبون عليها حكم المسانيد ؛ لجلالة قدر ابن أبي عمير على مايتوهّمه المتوهّمون .
وقال أيضاً :
ظاهر الأصحاب في مراسيل ابن أبي عمير بخصوصها أنّها في الحقيقة
صحاح معلومة الأسانيد عنده إجمالاً ، وإن كانت أسانيدها قد فاتته على التفصيل لحكايته المحكيّة في كتابي أبي عمرو الكشّي وأبي العبّاس النجاشي . ۱۱
وقد جرى العلاّمة السبزواري في الذخيرة على اعتبار مراسيله ، وكذا مراسيل أحمد بن محمّد بن أبي نصر ؛ تمسّكاً بأنّ كلاًّ منهما من جملة أعاظم الأجلاّء الذي يعظم شأنه من أن يروي من غير الثقة . ۱۲
وحَكَم في رسالته المعمولة في الغناء بأنّ إرسال ابن أبي عمير غير قادح في الخبر ، قال : كما هو المشهور . ۱۳
وقد قدح الشيخ في التهذيب ـ في آخر العتق ـ في مرسل ابن أبي عمير بالإرسال . ۱۴
وقدح المحقّق في المعتبر عند الكلام في التسمية في باب الوضوء ؛ تعليلاً بأنّ في رجاله مَنْ طعن الأصحاب فيه ، فإذا أرسل ، احتُمل أن يكون الراوي أحدَهم . ۱۵
وأورد عليه في الذخيرة : بأنّ الغرض من هذه الأخبار تحصيل الظنّ ، ولايقدح الاحتمال الذي ذكره ؛ لأنّه نادر قليل ، ۱۶ ولاأقلّ من احتمال الإرسال والإسناد .
ونقل عن المحقّق أنّ ابن أبي عمير يرسل عن أربعين من أصحاب الصادق عليه السلاموفيهم المجاهيل والضعفاء ، فإذا أرسل احتمل الجميع . ۱۷
وعن العلاّمة في المنتهى عدم قبول مراسيله ؛ ۱۸ استناداً إلى جهالة الواسطة ، لعدم العلم بأنّه لايرسل إلاّ عن ثقة ، بل في رجاله مَنْ طعن الأصحاب فيه ، وعدم كفاية تزكية مجهول العين .
وحكى في المعراج عن الشهيد الثاني في شرح الدراية وولده في المعالم وسبطه في المدارك : وعدم اعتبار مراسيل ابن أبي عمير . ۱۹
وعن الشهيد الثاني : منع ابن طاووس في البشرى عن دعوى عدم إرساله إلاّ عن الثقة . ۲۰
والظاهر : أنّ الغرض إنكار دعوى ابن أبي عمير أنّه لايرسل إلاّ عن ثقة .
لكنّك خبير بأنّه لم ينسب إليه أحد هذه الدعوى ، وإنّما ذكر الشيخ في العدّة أنّه عرف الطائفة أنّ محمّد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمّد بن أبي نصر لايروون ولايرسلون إلاّ عمّن يوثق به . ۲۱
ويمكن أن يكون الغرض عدم صدور تلك الدعوى من أحد .
لكن يظهر ضعفه بما سمعت من كلام الشيخ ، لكنّه مبنيّ على تأخّر ابن طاووس المذكور عن الشيخ ، كما هو مقتضى ما نُقل من كونه اُستاذَ العلاّمة .
وجرى المقدّس والخوانساريّان والفاضل الجزائري في الحاوي على عدم قبول مراسيله . ۲۲ وهو ظاهر المحدّث القاشاني . ۲۳
وقال الفاضل التستري ـ نقلاً ـ : قد اشتهر بين الأصحاب قبول مراسيله ، يعني
ابن أبي عمير ، ولم نقف له على وجهٍ واضح .
وردّها المحقّق في المعتبر ، ۲۴ وهو الواضح المطابق للقواعد الاُصوليّة .
وبالجملة ، يظهر عدم اعتبار مسانيده بما سمعت من المحقّق من روايته من جماعة من الضعفاء والمجاهيل .
وكذا ما يظهر ممّا مرّ من كلام شيخنا البهائي من أنّه لم يدّع أحد أنّه لايروي إلاّ عن ثقة .
وكذا ما سمعت من الفاضل الخواجوئي من روايته من جماعة من المجاهيل والضعفاء .
وأمّا مراسيله فينقدح اعتبارها بناءً على اشتراط العدالة في اعتبار الرواية ، فإنّ الظاهر ـ بل بلا إشكال ـ أنّ ابن أبي عمير لم يكن عالماً بالكلام في أصل العدالة ، فضلاً عن الكلام في الصغيرة والكبيرة ، وكذا الكلام في كاشف العدالة ، بل لم يكن البحث عن العدالة ومايتعلّق بها متعارفاً في أزمنة الحضور ، وإنّما قد حدث البحث عنهما في زمان الغيبة .
مضافاً إلى أنّه ـ بعد تسليم كونه عالماً بما ذُكر ـ يتأتّى الإشكال في موافقة مذهبه لمذهب المجتهد ، لكن يطّرد هذا الإشكال في توثيقات أهل الرجال أيضا . وقد حرّرنا الكلام فيه في الاُصول .
ومع هذا إنّما تكون العدالة المستفادة من روايته من باب تعديل مجهول العين ، وقد اختلف في اعتباره ، وإن كان الأظهر القول بالاعتبار . وقد حرّرنا الحال في محلّه .

1.عدّة الاُصول ۱ : ۱۵۴ ؛ رجال النجاشي : ۳۲۶ / ۸۸۷ ؛ ذكرى الشيعة ۱ : ۴۹ ؛ الدراية : ۴۹ ؛ مجمع الفائدة ۱ : ۱۲۷ .

2.تعليقات الوحيد البهبهاني على منهج المقال : ۲۷۵ .

3.لم نعثر عليه في رجال بحر العلوم .

4.المعتبر ۱ : ۴۷ ، ۱۶۵ .

5.المعتبر ۱ : ۴۵۳ .

6.منتهى المطلب ۲ : ۱۰۰۱ و ۱۰۲۱ (الطبعة الحجريّة) ، وج ۳ : ۲۹۰ (الطبعة الحديثة) .

7.مسالك الأفهام ۷ : ۳۴۳ .

8.عدّة الاُصول ۱ : ۱۵۴ .

9.ذكرى الشيعة ۱ : ۴۹ .

10.عدّة الرجال ۱ : ۲۰۷ ، الفائدة الثامنة .

11.الرواشح السماويّة : ۶۷ ، الراشحة السادسة عشر ، وص ۱۷۶ ، الراشحة السابعة والثلاثون .

12.الذخيرة : ۶۳ ، و ص ۵۱۴ .

13.رسالة في تحريم الغناء (ضمن مجموعة رسائل غناء وموسيقى) ۱ : ۳۰ .

14.تهذيب الأحكام ۸ : ۲۵۷ ، ذيل حديث ۹۳۲ ، باب العتق وأحكامه .

15.المعتبر ۱ : ۱۶۵ .

16.الذخيرة : ۴۰ .

17.انظر المعتبر ۱ : ۱۶۵ .

18.منتهى المطلب ۳ : ۲۹۰ .

19.المعراج : ۱۵۲ ، المعالم : ۲۱۳ .

20.الدراية : ۴۹ .

21.عدّة الاُصول ۱ : ۱۵۴ .

22.مجمع الفائدة ۱ : ۱۲۷ ؛ مشارق الشموس : ۴۸ ؛ الحواشي على شرح اللمعة : ۵۲ ، ۷۷ ؛ الحاوي ۲ : ۱۷۷ / ۵۲۸ .

23.مفاتيح الشرائع ۱ : ۴۰ ، وانظر الرواية في الوسائل ۱ : ۲۴۸ ، أبواب الجنابة ، باب ۳۵ ، ح ۱ .

24.المعتبر ۱ : ۳۴۳ .

صفحه از 476