رسالة في « محمد بن أبي عمير » - صفحه 445

[ أدلّة اعتبار مراسيله وردّها ]

وربما يستدلّ على القول بالاعتبار في المقام بأنّ الكشّي قد عدّه ممّن ادّعي
إجماع العصابة على تصحيح مايصحّ عنهم . ۱
لكنّه يضعّف بعدم كفاية دعوى الإجماع ـ المذكورة ـ في جبر ضعف مَنْ روى عنه الجماعة المدّعى في حقّهم الإجماع بواسطة الإرسال أو غيره .
وقد حرّرنا الحال في البشارات ، وكذا الرسالة المعمولة في باب أصحاب الإجماع .
وأمّا الاستناد إلى كلام الكشّي المتقدّم فهو مبنيّ على أن يكون مقصوده أنّ ابن أبي عمير كان يحفظ أربعين جلداً من الأخبار المسندة بأسانيد صحيحة ، فلمّا ذهبت كتبه حدّث ممّا حفظه ، ولمّا تطرّق عليه النسيان بالنسبة إلى الرواية جرى على الإرسال .
لكن دونه الإشكال ؛ لعدم دلالة عبارة الكشّي على كون جميع المحفوظ مسنداً ، ولاتنافي بين اشتمال المحفوظ على الإرسال وكون الحفظ موجباً للإرسال أيضاً ، فاشتمال المحفوظ على الإرسال لايوجب فساد قوله : «فلذلك أرسل أحاديثه» .
هذا ، والمقصود بالأربعين جلداً إمّا أربعين جلداً من كتب الرواة ، أو من كتبه التي ألّفها هو بنفسه ، كما يرشد إليه قول مَنْ قال : «كان يحفظ أربعين جلدا وله أربعة وتسعون كتاباً في أيدي الناس» فتدبّر .
ولايذهب عليك أنّ ظاهر عبارة الكشّي هو أنّ ابن أبي عمير أرسل جميع أحاديثه بعد الحبس .
وأيضاً لعلّ الأظهر في عبارة النجاشي أنّ القائلَيْن متّفقان على هلاكة الكتب ، إلاّ أنّ أحدهما جَعَل وجهَ الهلاكة دفن الكتب من اُخته ، والآخَر جَعَل الوجهَ سيلان المطر على الكتب عند تركها من اُخته في الغرفة . وهُما
متّفقان أيضاً على أنّه حدّث من حفظه وممّا سلف له في أيدي الناس ، أي : ممّا رواه للراوين عنه ، فهو كان يسمع ممّن سمع منه ، ويروي عمّن يحكي له روايته ممّن سمع منه .
وقد يقال : إنّ المقصود أنّه حدّث من حفظه وممّا سلف له في أيدي الناس . وهُما متّفقان أيضاً على سكون الأصحاب إلى مراسيله ، فقوله : «حدّث من حفظه» من حدّ الاشتراك بين القائلَيْن ، وقوله : «فلذلك» ۲ من كلام القائلَيْن ، وأمّا كون قوليه هذين ۳ من كلام القائل الأخير فهو بعيد ؛ إذ على هذا لاثمرة في نقل كلام القائل الأوّل .

1.رجال الكشّي ۲ : ۸۳۰ / ۱۰۵۰ .

2.لايخفى أنّ الموجود في رجال النجاشي : «فلهذا» .

3.أي قوله : «فحدّث ...» وقوله : «فلهذا ...» الموجود في رجال النجاشي بعد نقل القولين . وعليك بعبارة النجاشي حيث قال في رجاله : ۳۲۶ / ۸۸۷ : «وقيل : إنّ اُخته دفنت كتبه في حال استتارها وكونه في الحبس أربع سنين فهلكت الكتب ، وقيل : بل تركتها في غرفة فسال عليها المطر فهلكت ، فحدّث من حفظه وممّا كان سلف له في أيدي الناس ، فلهذا أصحابنا يسكنون إلى مراسيله ...» .

صفحه از 476