رسالة في « محمد بن أبي عمير » - صفحه 450

[ في شرح كلمة «غبّ» ]

قوله : «وكان لايغبّ إتيانه» أي لم يكن يأتيه غِبّاً ، بل كان يأتيه كلّ يومٍ ، كما قيل . ۱
وهو مبنيّ على كون الغِبّ في المقام بمعنى المجيء يوماً دون يوم ، كما هو المعروف في استعمالات الغِبّ .
لكن قال في الصحاح :
الغبّ أن ترد الإبل الماء [يوما] وتدعه يوماً ، وكذلك الغبّ في المجيء ، فقال : قال الكسائي : أغبَبْتُ القوم ، وَغبَبْتُ عنهم أيضاً : إذا جئت يوماً وتركت يوماً .
ثمّ قال : [الغِبّ] في الزيارة قال الحسن : أن تكون في كلّ اُسبوع ، ومن الحُمّى ما تأخذه يوماً .
ثمّ قال : وأغبّ القوم جاءهم يوماً وترك يوماً . ۲
فمقتضى ماحكاه في الصحاح عن الحسن و[ما] ۳ ذكره [في] ۴ القاموس من أنّ الغبّ في الزيارة هو الاختلاف بالفعل والترك بحسب الاُسبوع : ۵ كون الغرض من
الغبّ في المقام هو المجيء اُسبوعاً دون اُسبوع ، فالغرض من ترك الغبّ هو عدم مراعاة الاختلاف الاُسبوعي .
لكن قال في المجمع :
في الحديث : «الادّهان ـ غبّاً» هو بكسر الغين والباء المشدّدة ، يعني في يومٍ وفي يومٍ لايكون ، ومثله : «زُرْغِبّاً تزدد حُبّاً ، ومثله : اُغُبّوا في زيارة المريض . والغِبّ في زيارة القبور في كلّ اُسبوع . ۶
ومقتضاه اختصاص الاختلاف في الاُسبوع بزيارة القبور .
ولو فرضنا ارتكاب تقييد الزيارة ـ في كلام صاحب القاموس ـ بزيارة القبور ـ مع كونه خلاف الظاهر ، ولايتأتّي شيوع التقييد في غير الإطلاقات الشرعيّة ، كما لاتتأتّى كثرة التخصيص في غير العمومات الشرعية ـ فلايتأتّى التقييد في مقالة الحسن بملاحظة قوله: زُرْغِبّاً تزدد حُبّاً، إلاّ أن يكون هذا المقال استئنافاً من صاحب الصحاح ، لامن تتمّه مقالة الحسن . إلاّ أنّه مع هذا يوجب قوّة الزيارة في الإطلاق .
وفي التهذيب في صحيح سليمان الجعفري قال :
مرضت حتّى ذهب لحمي ، فدخلت على الرضا عليه السلامفقال عليه السلام : «أيسرّك أن يعود إليك لحمك ؟» فقلت : بلى ، فقال : «الزم الحمّام غِبّاً ، وإيّاك أن تدمنه فإنّه يورث السلّ» . ۷
وعن شيخنا البهائي في الحبل المتين ـ بعد استظهاره أن يكون المراد أن تدخل الحمّام يوماً وتترك يوماً ـ احتمال أن يكون المراد أن تدخل في كلّ اُسبوع ، قال : ومنه زُرْغِبّاً تزدد حُبّاً ، فقد فسّره في الصحاح والقاموس بأن تكون الزيارة في
كلّ اُسبوع . ۸
وفيه نظر : حيث إنّ مقتضى ماروي من أنّ الحمام يوم ويوم لا ،يكثر اللحم : ۹ هو كون المراد من الغِبّ في الحمّام هو الدخول يوماً دون يوم .
وقد ظهر بما مرّ أنّ الغِبّ يُستعمل إمّا في الحمّام ، أو في الحمّى ، أو في الزيارة ، أو في زيارة أهل القبور .
وقد يُستعمل الغِبّ في حلب الشاة ؛ حيث إنّ المغبّبة : الشاة التي تُحلب يوماً دون يوم . ۱۰

1.انظر مرآة العقول ۴ : ۳۵۵ .

2.الصحاح ۱ : ۱۹۰ (غبب) .

3.ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق .

4.في «ح» و «د» : «عن» بدل «في» . والصحيح ما أثبتناه .

5.القاموس المحيط ۱ : ۱۱۳ (غبب) .

6.مجمع البحرين ۲ : ۱۳۰ (غبب) .

7.تهذيب الأحكام ۱ : ۳۷۷ ، ح ۱۱۶۲ ، باب دخول الحمّام وآدابه وسننه باختلافٍ يسير .

8.الحبل المتين : ۱۳۰ .

9.الكافي ۶ : ۴۹۶ ، ح ۲ ، باب الحمّام ؛ الوسائل ۲ : ۳۱ أبواب آداب الحمّام ، باب ۲ ، ح ۱ .

10.الصحاح ۱ : ۱۹۰ (غبب) .

صفحه از 476