رسالة في « محمد بن أبي عمير » - صفحه 456

[ روايات مدح الاعتزال ]

ثمّ إنّه قال مولانا الصادق عليه السلام لحفص بن غياث :
«إنْ قدرتَ أن لاتخرج من بيتك فافعل ، فإنّ في خروجك أن لاتغتاب ولاتحسد ولاترائي ولاتتصنّع ولاتداهن» . ثمّ قال : «نعم صومعة المسلم بيته ، يكفّ فيه بصره ولسانه ونفسه وفرجه» . ۱
وقد حرّرناه في الرسالة المعمولة في حفص بن غياث وسليمان بن داود المنقري وقاسم بن محمّد .
وقد ذكر مدح الاعتزال عن الناس وذمّ المعاشرة معهم تصريحاً أو تلويحاً فيأشعار كثيرة :
ففي الديوان المنسوب إلى أميرالمؤمنين عليه السلام روحي وروح العالمين له الفداء :
فطوبى لنفسٍ أوطنت قَعْرَ دارِهامغلّقةُ الأبواب مُرخىً عليها حجابُها۲
وفيه أيضاً :
تغرّبتُ أسألُ مَنْ عنَّ ليمِن الناس هل مِن صديقٍ صَدُوق
فقالوا أمران لايوجدانِصديق صدوقٌ وبيض الأنوق .۳
قوله عليه السلام روحي وروح العالمين له الفداء : «وبيض الأنوق» هذا مثالٌ لما يمتنع وجوده ، والأنوق ـ بالفتح ـ جمع الناقة ، وامتناع الوجود في الباب واضح ؛ لامتناع البيضة للناقة ، نظير ذلك الأبلقُ العقوق ، كما هومقتضى كلام صاحب الصحاح حيث [قال] : إنّ الأبلق بمعنى الذكر . ۴ والعقوق من العقاق ، بالفتح ، ومن الظاهر امتناع الحمل للذكر .
لكن ظاهر كلام صاحب الصحاح في مادّة «عَصَمَ» ۵ كونه وكذا ماقبله مثالاً لما يندر وجوده ، حيث إنّه جعل كلاًّ منهما مثالاً لما يعزّ وجوده . ولاإشكال في أنّ الظاهر من عزّة الوجود هو ندرة الوجود لاامتناعه .
وقد يمثّل لنادر الوجود بالغراب الأعصم ، وهو الذي في جناحه ريشة بيضاء ، كما في الصحاح ، ۶ لكن في القاموس أنّه أحمر الرِّجْلين والمنقار ، أو في جناحه ريشة بيضاء . ۷
وقد يمثّل لنادر الوجود ببارح الأُروى أيضاً ، كما صرّح به في الصحاح . ۸

1.الكافي ۸ : ۱۲۸ ، ح ۹۸ ، باب لايقبل اللّه تعالى عملاً إلاّ بولاية أهل البيت عليهم السلام.

2.ديوان الإمام عليّ عليه السلام : ۹۸ ، رقم ۴۹ .

3.ديوان الإمام عليّ عليه السلام : ۳۹۰ ، رقم ۳۰۲ ، وفيه : «فقالوا عزيزان ...» .

4.الصحاح ۴ : ۱۵۲۸ (عقق) .

5.الصحاح ۵ : ۱۹۸۶ (عصم) .

6.الصحاح ۵ : ۱۹۸۶ (عصم) .

7.القاموس ۴ : ۱۵۳ (عصم) .

8.الصاح ۱ : ۳۵۶ (برح) .

صفحه از 476