رسالة في « محمد بن أبي عمير » - صفحه 457

[ اشعار مدح الاعتزال ]

وفيه أيضاً :
تراب على رأس الزمان فإنّهزمان عقوقٍ لازمان حقوق
وكلّ رفيق غير موافق وكلّ صديق غير صدوق۱
وفيه أيضاً :
هذا زمانٌ ليس إخوانهيا أيُّها المرءُ بإخوان
إخوانه كلّهم ظالمٌلَهُم لِسانانِ وَوَجْهان
يَلْقاكَ بالبُشرِ وفي قَلبِهداءٌ يواريه بكتمان
حتّى إذا ما غبت عن عينيهرماك بالزور وبُهْتان
هذا زمانٌ هكذا أهلُهبالوُدِّ لايَصْدُقُك اثنان
أيُّها المرءُ فَكُن مفرَداًدَهْرَك لاتَأْنس بإنسان
وفيه أيضاً :
يفشون بينهم المودّة والصفا وقلوبهم محشوّة بعقارب .۲
ونظيره ماقيل بالفارسيّة :
همچو شيران بدرانند و به لب مى خندنددشمن يكدگرند و به حقيقت يارند
وفيه أيضا :
ما من صديق وإن تَمَّت صداقته بأنجح في الحاجات من طَبَق۳
وقال مولانا الرضا عليه السلام ـ على ما رواه الصدوق في العيون ـ :
وإنّ الذئب يترك لحم ذئبويأكل بعضنا بعضا عيانا۴
وقال السيّد المرتضى نقلاً :
ولم يعصمني إلاّ الذي أنا طوعهولم يَقْلِني إلاّ الذي أنا عاشقُه
ومن عجب أنّي ألوع بخاضبيكايدني في وُدّه واُصادقُه
وقيل :
فما ضرّني إلاّ الذين عرفتهمجزى اللّه خيرا كلّ مَنْ لست أعرف
وقيل :
ولم أر في الأيّام خِلاًّ يسترنيمباديه إلاّ ساءني بعواقبه
وقيل :
كفّ عن الناس إذا شئت أنتسلم من قول جهول سفيه
من قذف الناس بمن فيهميقذفه الناس بما ليس فيه
وقيل :
الظلم من شِيَم الرجال وإن تجدذا عفّة فلعلّة لايظلم۵
وقيل :
فواعجباً لمن ربيّت طفلاًاُلقمه بأطراف البنان
اُعلّمه الرماية كلّ يومفلمّا استدّ ساعده رماني
وكم علّمتُه نظمَ القوافيفلمّا قال قافية هجاني۶
قوله : «الستدّ» بالسين المهملة ، كما ضبطه ابن إدريس في السرائر . ۷
وقال في الصحاح : وقد اشتدّ الشيء ، أي استقام ، وعدَّ منه الشعرَ فقال : ليس بشيء . ۸
والظاهر أنّ غرض الشاعر بيان حال ولده ، فلكن لاتعجّب فيما ذكره في باب ولده ؛ إذحال الأكثر على منوالٍ واحد .
ويمكن أن يكون الغرض بيان حال مَن اتّخذ ولدا . لكنّه بعيد .
وقيل :
وأفرَدَني عن الإخوان عليبهم فبقيت مهجور النواحي
إذا ما قلّ وقري قلّ مدحيفإن أثريت عادوا في امتداحي
وقيل :
تحذّر من صديقك كلّ يوموبالأشرار لاتركن إليه
سلمت من العدوّ فما ذهانيسوى مَنْ كان معتمدي عليه
وقيل :
أقلل زيارة مَنْ تهوى مودّتهفالناس من لم يواسيه أجلوه
فالغيث وهو حياة الناسكلّهم إن دام يومين ملّوه
وقيل :
احذر عدوّك مرّةواحذر صديقك ألف مرّة
فلربّما انقلب الصديقفكان أخبر بالمضرّة۹
وقيل :
عدوّك من صديقك مستفادفلا تكثرنّ من الصحاب
فإنّ الداء أكثر ماتراهيكون من الطعام والشراب۱۰
وقيل :
ولمّا بلوت الناس أطلب عندهمأخا ثقة عند الشدائد
تطلّعت في حال رخاء وشدّةوناديت في الأحبّاء هل من مساعد
وقيل :
لقاء الناس ليس يفيد شيئاًسوى الهذيان من قيل وقالِ
فأقلل من لقاء الناس إلاّلأخذ العلم أو إصلاح حال
وقيل :
إنّما أنفس الأنيس سباعيتفارَسْنَ جهرةً واغتيالاً۱۱
وقيل :
رجوت دهراً طويلاً في التماس أخوكم تبدلّت بالإخوان خوّاناً
فما وفى لي على الأيّام ذو ثقةولارعى أحدٌ ودّي ولاصاناً
فقلت يانفس لما عزّ مطلبهاباللّه لاتألفي ما عشت إنسانا
وقيل :
جرّبت دهري وأهليه فما تركتلي التجارب في ودّ امرءٍ غرضاً۱۲
وقيل :
لاأشتكي زمني هذا فأظلمهوإنّما أشتكي من أهل هذا الزمن
هُم الذئاب [بدت] تحت الثياب فلاتكن على أحد عنهم بمؤتَمَن
قد كان لي كنز صبر فافتقرت إلىإنفاقه في مداراتي ففنى
وقيل :
ولست أسلم ممّن لست أعرفهفكيف أسلم من [أهل]المودّات
الناس داء دواء الناس تركهموفي الجفاء بهم قطع الأخوّات
وقيل :
الناس داء دفين لاتركننّ إليهمفيهم خداع ومكر لو اطّلعت عليهم
وقيل :
سمعنا بالصديق ولانراهعلى التحقيق يوجد في الأنام
وأحسبه محالاً نمّقوهعلى وجه المجاز من الكلام
وعن أفلاطون أنّه كان يسكن في خارج المعمورة في جانب الماء والخضراء .
وهو المنقول عن الفارابيّ ، بل المنقول عنه أنّه سئل أنّك كيف تأنس بالفقر والفاقة ولاتأنس بالناس ؟ فأجاب : بأنّي تأمّلتُ ووجدتُ مافعلتُ أولى .
وأمّا الأشعار المذكوره الدالّة على مدح الاعتزال فما كان منها من أميرالمؤمنين عليه السلام ـ روحي وروح العالمين له الفداء ـ يقيّد بما كان منها دالاّ على مدح الاعتزال في صورة الإمكان .
وأمّا ما كان من غيره عليه السلام ـ روحي وروح العالمين له الفداء ـ فهو من باب الغفلة عن مفسدة الاعتزال ، نظير ما نقله في اللطائف والظرائف ، نقُل من مدح بعض الحكماء بعض الاُمور لبعض المصالح غفلةً عن مصلحة ضدّه ، ونُقل مدح بعضٍ آخَر من الحكماء الضدَّ لمصلحة اُخرى .
وأمّا مادلّ من تلك الأشعار على عدم صِدْق الأصدقاء فهو حقٌّ لاريب فيه ، لكنّه لايرتبط بمدح الاعتزال .

1.ديوان الإمام عليّ عليه السلام : ۳۹۰ ، رقم ۳۰۳ ، باختلاف يسير .

2.ديوان الإمام عليّ عليه السلام : ۵۹۸ ، رقم ۴۵۴ .

3.ديوان الإمام عليّ عليه السلام : ۳۹۲ ، رقم ۳۰۴ .

4.عيون أخبار الرضا ۲ : ۱۷۵ ، ح ۵ ، باب ۴۳ : ذكر ما أنشد الرضا عليه السلام المأمون من الشعر .

5.ديوان المتنبّي : ۴۴ .

6.الاشتقاق : ۴۹۷ .

7.السرائر ۳ : ۲۳۸ ، وانظر الاشتقاق لابن دريد : ۴۹۷ .

8.الصحاح ۲ : ۴۸۵ (سدد) .

9.شرح نهج البلاغة (ابن أبي الحديد) ۱۹: ۳۳۸.

10.شرح نهج البلاغة (ابن أبي الحديد) ۱۰: ۵۲۰.

11.شرح شواهد الشافية (للبغدادي) : ۲۹۶ ؛ وديوان البغدادي ۲ : ۱۱۲ .

12.شرح نهج البلاغة ۲۰ : ۸۱ ، باب ۴۴۳ .

صفحه از 476