رسالة في « محمد بن أبي عمير » - صفحه 475

[ كلام البهائي و ردّه ]

هذا ، وقد ذكر شيخنا البهائي في أوائل الحبل المتين : أنّه ينبغي أن لاتقصر مراسيل الصدوق عن مراسيل ابن أبي عمير ، وأن تُعامل معاملتها ، ولاتُطرح بمجرّد الإرسال ؛ لما ذكره من أنّه حاكم بصحّة ما أورده فيه ، معتقداً أنّه حجّة فيما بينه وبين اللّه سبحانه . ۱
وفيه : أنّه لو تمّ الاستناد إلى كلام الصدوق فمقتضاه عموم اعتبار مافي الفقيه . والأظهر خلافه ، بل هو لايقول به ، فلم يثبت اعتبار ما أرسله الصدوق بإبهام الواسطة .
وأورد عليه السيّد السند الماجد في الحاشية المنسوبة إليه بأنّ معاملة مراسيل الصدوق معاملة مراسيل ابن أبي عمير غير واضح ، والتزامه ـ رحمه اللّه تعالى ـ حجّيّتها بينه وبين ربّه لايقتضي اتّصالها بالعدول لتكون من باب الصحيح ، بل غاية مايقتضيه الالتزام أن تكون ممّا يجوز العمل بها عنده والاعتماد عليه ، وهذا أمر وراء وصف الحديث بالصحّة ؛ لجواز تأدّي اجتهاده في العمل بالمراسيل والضعاف إلى قرائن لاتفيد عندنا .
وتحريره : أنّ المقصود بالصحة في كلام الصدوق إنّما هو الصحّة عند القدماء ، أعني : الظنّ بالصدور ، والظنّ لايلزم أن يكون من جهة عدالة رجال السند حتّى تتأتّى الصحّة ، بل يمكن أن يكون من جهة القرينة ، وأسباب الظنّ تختلف بالنسبة إلى الأشخاص ، فلعلّ ما أوجب الظنّ بالصدور للصدوق لايوجب الظنّ لنا ، فمراسيل الصدوق لايحصل لنا الظنّ بصدورها عن المعصوم ، بخلاف
مراسيل ابن أبي عمير ؛ لثبوت وثاقة الواسطة ؛ بناءً على عدم إرساله إلاّ عن ثقة .
وأنت خبير بأنّ الظاهر اتّحاد الأسباب بحسب الأشخاص في إفادة الظنّ وإن أمكن الاختلاف ، فمراسيل الصدوق لاتقصر في إفادة الظنّ بالصدور عن مراسيل ابن أبي عمير .
وأيضا الظاهر منه اتّصاف مراسيل الصدوق بالصحّة لوكانت بتوسّط العدول ، ومقتضاه اتّصاف مراسيل ابن أبي عمير بالصحّة .
والغرض من الصحّة إن كان هو الصحّة باصطلاح المتأخّرين ، فلاريب في اختصاصها في الاصطلاح بالمسند ، فلا يتّصف المرسل بالصحّة لامراسيل ابن أبي عمير ولامراسيل الصدوق .
وإن كان الغرض هو الصحّة باصطلاح القدماء ، فلابأس به . واللّه العالم .
قد فرغ منه ابن محمّد إبراهيم أبو المعالي ، وللّه المحسن المفضل المنعام تمام الحمد ، والحمد التمام على إتمام التوفيق بتوفيق الإتمام بعد حمده سبحانه على الإقدام على المرام ، فله الحمد على الإقدام والإتمام ، والسلام من السلام فوق كلّ سلام على نبيّه خاتم الأنبياء وسيّد الأنام ، وعلى أهل بيته الغرّ الميامين الكرام ؛ سيّما ابن عمّه شافع المذنبين لدى قيام الساعة وساعة القيام ما دارالسلام في الإسلام بين أهل الإسلام .

1.الحبل المتين : ۱۱ .

صفحه از 476