[ التنبيه ] الخامس : [ في ضعف سهل وعدمه ]
أنّه قد حكم الفاضل الاسترآبادي بأنّه لما اشتمل عدّة سهل بن زياد على محمّد بن الحسن الصفّار ومحمّد بن جعفر الأسدي ، فلا يضرّ إذَنْ ضعف سهل بن زياد مع وجود ثقة في مرتبته . ۱
أقول : إنّ الذي يظهر في ظاهر الأنظار أنّ الغرض أنّه لمّا فرض وجود الصفّار والأسدي في العدّة وضعف سهل لا يضرّ باعتبار الخبر مع فرض وجود الثقة ـ أي : الصفّار والأسدي ـ في مرتبة سهل . لكنّه في غاية الوضوح من الفساد ؛ لظهور تقدّم الصفّار والأسدي على سهل ، بحيث لا مجال فيه للشكّ والإرتياب .
والظاهر بل بلا إشكال أنّ الغرض أنّه لمّا فرض وجود الصفّار والأسدي في العدّة ، وضعف سهل لا يضرّ باعتبار الخبر لو فرض وجود الثقة في مرتبة سهل ، بأن كانا متشاركين في الرواية ، فالغرض من فرض وجود الثقة إنّما هو تجديد الفرض ، أي : فرض وجود ثقةٍ آخَر من الخارج غير الصفّار والأسدي ، لا فرض المفروض ، أي : وجود الصفّار والأسدي .
ومن ذلك الباب مارواه في الكافي ـ في باب مدمن الخمر من كتاب الأشربة ـ عن عدّة من الأصحاب عن سهل بن زياد ويعقوب بن يزيد . ۲
ويرشد إلى ما ذُكر ، أنّه لو كان الغرض فرض المفروض لقال : «لوجود ثقة في
مرتبته لا «مع وجود ثقة في مرتبته» .
وقد حكى الوجه المذكور عمّن سمع منه في الحاشية تمثيلاً بما رواه الكليني ـ في باب تنقّل أحوال القلب ـ عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه ، وعدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد . ۳
وما رواه ـ في الباب المتعقّب لذلك الباب ، أعني : باب الوسوسة وحديث النفس ـ عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيي عن أحمد بن محمّد جميعاً عن عليّ بن مهزيار قال : كتب رجل إلى أبي جعفر عليه السلام ، ۴ إلى آخره .
لكنّك خبير باحتمال كون محمّد بن يحيى معطوفاً في السندين على عليّ بن إبراهيم والعدّة ، لا على سهل بن زياد ، كيف ! ورواية الكليني عن عليّ بن إبراهيم كثيرة ، مع أنّ إناطة عدم الإضرار بوجود الثقة إنّما يتأتّى بناءً على عدم اعتبار العدالة في اعتبار الخبر . وليس بالوجه ، على أنّ وجود الثقة في عرض سهل لا يكفي في اعتبار الخبر ؛ لاحتمال ضعف بعض مَنْ كان فوق سهل ، فكان المناسب أن يقول : «مع فرض وجود ثقة في مرتبته ، ووثاقة جميع من فوقه» لا «وفيمن فوقه» لأنّ مقتضاه كفاية مجرّد وثاقة بعض رجال مَنْ فوقه ، وهو كماترى .
1.منهج المقال : ۴۰۱ .
2.الكافي ۶ : ۴۰۵ ، ح ۹ ، باب مدمن الخمر .
3.الكافي ۲ : ۴۲۳ ، ح ۱ ، باب تنقّل أحوال القلب .
4.الكافي ۲ : ۴۲۵ ، ح ۴ ، باب الوسوسة وحديث النفس .