رسالة في « محمّد بن الحسن » - صفحه 504

[ إشكال خروج جميع أفراد المحدود عن الحدّ ]

رابعها : أنّه يتطرّق الإشكال بناءً على اعتبار المدح في تعريف الحسن : بلزوم خروج جميع أفراد المحدود عن الحدّ ، و دخوله في الصحيح بناءً على كون المدار في العدالة على حسن الظاهر في كاشف العدالة ، كما هو ـ أعني الكفاية ـ
منصور المشهور من الطائفة ، بل نقل عليه الشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً ، ۱ بل يطّرد الإشكال بناءً على اعتبار الحسن في تعريف الحسن .
ومن ذلك أنّ السيّد السند النجفي حَكَم بأنّ الحسن يشارك الصحيح في أصل العدالة ، وإنّما يخالفه في الكاشف عنها ، فإنّه في الصحيح هو التوثيق أو ما يستلزم له ، بخلاف الحسن ، فإنّ الكاشف فيه حسن الظاهر المفيد للعدالة ولو من باب الكشف عن العدالة ، وبهذا دفع التنافي بين القول بحجّيّة الخبر الحسن مع القول باشتراط العدالة في اعتبار الخبر ، كما هو المشهور . ۲
أقول : إنّه لا إشكال في أنّ المدح لا يستلزم العدالة ولو من باب إفادة حسن الظاهر وكفايته في العدالة وفي كاشف العدالة ؛ لإمكان أن يكون المدح بنحو : «فاضل» أو نحو : «له كتاب» بناءً على شمول المدح المعتبر في تعريف الحسن للأخير ، فلا مجال للإشكال بلزوم خروج جميع أفراد المحدود ودخوله في الصحيح ، بل المدح المأخوذ في تعريف الحسن إنّما ينصرف إلى مالا يفيد العدالة ولو من باب إفادة حسن الظاهر ؛ بناءً على كفاية حسن الظاهر في أصل العدالة أو في الكاشف عنها ، بقرينة مقابلة الصحيح بالحسن .
إلاّ أن يقال : إنّ الانصراف المذكور محلّ المنع ، كيف ! وقد تقدّم دعوى انصراف المدح إلى ما يفيد الظنّ بالصدق ، بل تعداد طائفة من الألفاظ ممّا يفيد حسن الظاهر في عداد ألفاظ المدح يكشف عن عموم المدح المأخوذ في تعريف الحسن لما يفيد حسن الظاهر ، فلابدّ من تقييد المدح المأخوذ في تعريف الحسن بما لا يفيد العدالة ، بناءً على كفاية حسن الظاهر في العدالة أصلاً أو كشفاً ، بل الألفاظ عند أهل الدراية بين ما يكون صريحاً في العدالة ، نحو : «ثقة» و «عدل» وما يكون ظاهرا في العدالة ، نحو : «عظيم المنزلة» وما يدلّ على المدح
الخالص ، نحو : «فاضل» وما يدلّ على الذمّ .
والظاهر بل بلا إشكال أنّ المدار عندهم فيما يكون ظاهراً في العدالة على صحّة الحديث ، لاحسنه ؛ لاعتبار اللفظ فيما يكون ظاهراً فيه ، كاعتباره فيما يكون صريحاً فيه ، فلابدّ من التقييد المشار إليه .
إلاّ أن يقال : إنّ الظهور في العدالة بتوسّط الخارج ، لا بواسطة اللفظ ، فلا يتأتّى اعتبار الظهور في العدالة .
لكن نقول : إنّه لوتمّ هذا المقال ، فدلالة تعداد طائفة من الألفاظ المفيدة لحسن الظاهر في عداد ألفاظ المدح على عموم المدح المأخوذ في تعريف الحسن على حالها ، فلات حين مناص عن التقييد المشار إليه .
إلاّ أن يقال : إنّ التقييد يوجب ضيق دائرة الحسن ، وخروج كثير من الأخبار عن تحت الحسن وهو خلاف طريقتهم .
إلاّ أن يقال : إنّه لا بأس بتطرّق الضيق على دائرة الحسن ، غاية الأمر تطرّق الإشكال على طريقة المشهور من الأعلام ، وليس هذا أوّل قارورة انكسرت في الإسلام .
لكن نقول : إنّ حقّ المقال أن يقال : إنّ الظاهر بل بلا إشكال أنّ المدار في حسن الظاهر ـ المذكور في كلام المشهور ـ على حسن الظاهر المعلوم برأي العين ، فإنّه المقصود بحسن الظاهر في كلماتهم ، لكن في حكم حسن الظاهر المعلوم برأي العين حسن الظاهر المعلوم بالسمع ؛ قضيّةَ حجّيّة العلم . وأمّا الحسن الظاهر المظنون بتوسّط الخبر ، ولا سيّما لو كان مستفادا من الخبر بالتبع ـ كما في موارد المدح بمثل «عظيم المنزلة» ـ فلم تثبت قناعة المشهور به في العدالة ، فلم يثبت اطّراد العدالة من باب حسن الظاهر في موارد المدح رأساً .
وإن قلت : إنّ مقتضى قوله عليه السلام في صحيحة ابن أبي يعفور : «فإذا سئل عنه في
محلّته قالوا : ما علمنا منه إلاّ خيراً» ۳ كفاية الإخبار ، فمقتضى كفاية حسن الظاهر في العدالة كفاية الإخبار بحسن الظاهر بتوسّط المدح .
قلت : إنّ هذه الفقرة إنّما هي مذكورة في الفقيه ، وأمّا رواية التهذيب والاستبصار فالمأخوذ فيها تعاهد الجماعة في الأوقات الثلاثة ، ۴ وليست تلك الفقرة مذكورةً فيها ، مع أنّ مقتضى تلك الفقرة إنّما هو حصول العلم بحسن الظاهر ؛ إذ لو سئل عن جميع أهل القبيلة والمحلّة وقالوا : «ما علمنا منه إلاّ خيراً» . يحصل العلم بحسن الظاهر ؛ على أنّ غاية الأمر مداخلة السمع بانضمام العين برؤية المواظبة على الصلوات بالجماعة ، والكلام في المقام في صورة اختصاص الحال بقرع السمع فقط ؛ لانحصار الأمر في الإخبار .
مضافاً إلى أنّ مقتضى تلك الفقرة إنّما هو استفادة حسن الظاهر في المقام بالتبع . لكن نقول : إنّه بناءً على كفاية الظنّ في الرجال يثبت حسن الظاهر في المقام ، فلابدّ من تقييد المدح المأخوذ في تعريف الحسن بمالا يفيد العدالة .
بقي الكلام فيما صنعه السيّد السند النجفي .
أقول : إنّ دعوى استلزام المدح للعدالة من السيّد السند المشار إليه يظهر ضعفها بما مرّ من عدم اختصاص ألفاظ المدح بما يفيد العدالة ؛ بناءً على كفاية حسن الظاهر في أصل العدالة أو في كاشف العدالة ، نحو : «فاضل» بل كفاية نحو : «له كتاب» في باب المدح .
وأيضاً مقتضى كلامه أنّ المدار في الفرق بين الصحيح والحسن على ذكر التوثيق في باب الصحيح ، وعدمه في باب الحسن ، مع اشتراك الصحيح والحسن
في العدالة ، وهو خلاف ما تقتضيه كلماتهم ؛ إذ مقتضى كلماتهم أنّ المدار في الفرق على ثبوت العدالة في الصحيح ، وعدمها في الحسن ، كيف لا ! والمأخوذ في تعريف الصحيح عدالة الراوي لا توثيقه ، فلابدّ من ابتناء الحسن على عدم ثبوت العدالة .
نعم ، المأخوذ في تعريف الحسنِ المدحُ من دون تنصيصٍ على عدم ثبوت العدالة ، إلاّ أنّ قضيّة مقابلة الصحيح بالحسن تقضي بكون المدار في الحسن على عدم ثبوت العدالة .

1.لتسهيل الخطب انظر رسالة في العدالة للشيخ الأنصاري (تراث الشيخ الأعظم ۲۳) : ۲۴ .

2.رجال السيّد بحر العلوم ۱ : ۴۶۰ ـ ۴۶۱ في ترجمة إبراهيم بن هاشم .

3.الفقيه ۳ : ۲۴ ، ۶۵ ، باب العدالة ؛ الوسائل ۲۷ : ۳۹۱ ، أبواب الشهادات ، باب ما يعتبر فى الشاهد من العدالة ، ح ۱ .

4.تهذيب الأحكام ۶ : ۲۴۱ ، ح ۵۹۶ ، باب البيّنات ؛ الاستبصار ۳ : ۱۲ ، ح ۳۳ ، باب العدالة المعتبرة في الشهادة .

صفحه از 520