رسالة في « محمّد بن الحسن » - صفحه 508

[ مَنْ ذُكر في الفهرست ولم يُذكر حاله ]

ثمّ إنّه قد حَكَم السيّد السند النجفي بأنّ الظاهر أنّ كلّ مَنْ ذُكر في الفهرست ولم يُذكر حاله أصلاً من رجال الحسن ؛ لكونه إماميّاً ممدوحاً . ۱
أمّا الإماميّة : فلأنّ الظاهر أنّ جميع مَنْ ذُكر في الفهرست من الشيعة الإماميّة ، إلاّ مَنْ نصَّ فيه على خلاف ذلك من كونه من الزيديّة أو الفطحيّة أو الواقفيّة ؛ قضيّةَ وضع الكتاب ، فإنّه موضوع لذكر الإماميّين ومصنّفاتهم .
وأمّا المدح : فلأنّ المفروض أنّه موضوع لذكر أرباب التصنيف ، وهذا مدحٌ عامّ ، ويكفي في باب الحسن ، فكلّ مَنْ ذُكر في الفهرست ولم يُذكر حاله فهو صحيح المذهب ، وممدوح بمدحٍ عامّ ، مضافاً إلى استفادة الحسن من ذكر الطريق إلى الراوي ، وذكر مَنْ روى عنه ، وذكر مَنْ روى هو عنه ؛ قضيّةَ اقتضاء ما ذُكر كونَ الراوي ممّن يُعتنى بشأنه وشأن كتبه من جهة الوثوق بنقله ، فإطلاق الجهالة على ما ذُكر في الفهرست ولم يُذكر حاله ليس على ما ينبغي .
وعلى منوال حال الفهرست حال كتاب النجاشي ، فإنّه أيضاً موضوع لذكر أرباب التصنيف من الإماميّين .
وكذا حال معالم ابن شهر آشوب ، وفهرست عليّ بن عبيداللّه ، ۲ فإنّ كلاًّ منهما أيضاً موضوع لذكر أرباب التصنيف من الإماميّين .
[و] مقتضى ما ذُكر أنّ كلّ مَنْ ذُكر في الفهرست ـ مثلاً ـ بسوء المذهب ولم يذكرفيه قدح ولامدح بغير ذكر الكتاب من رجال القوي .
أقول : إنّ دعوى كون الفهرست موضوعاً لذكر الإماميّين قد اتّفقت من غيره أيضاً ، لكنّها عجيبة ؛ حيث إنّه وإن قال في أوّل الكتاب :
فإنّي لمّا رأيت جماعة من شيوخ طائفتنا من أصحاب الحديث عملوا فهرست كتب أصحابنا وما صنّفوه من التصانيف و رووه من الأُصول ، ولم أجد أحداً منهم استوفى ذلك ، [ولا ذكر أكثره ، بل كلٌّ منهم كان غرضه أن يذكر ما اختصّ بروايته] ۳ وأحاطت به خزانته من الكتب ، ولم يتعرّض أحد منهم باستيفاء جميعه ، إلاّ ما قصده أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيداللّه ، فإنّه عمل كتابين ، أحدهما ذكر فيه المصنّفات ، والآخَر ذكر فيه الأُصول ، واستوفاهما على مبلغ ماوجده وقدر عليه ، غير أنّ هذين الكتابين لم ينسخهما أحد من أصحابنا ، واختُرم هو رحمه اللّه ، وعمد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين وغيرهما من الكتب على ما حكى بعضهم عنه . ولمّا تكرّر من الشيخ ـ أدام اللّه علوّه وعزّه ـ الرغبة فيما يجري هذا المجرى ، وتوالى منه الحثّ على ذلك ، ورأيته حريصاً عليه عمدتُ إلى كتابٍ يشتمل على ذكر المصنّفات والاُصول . ۴
وظاهر هذه العبارة : أنّ تأليف الفهرست لذكر أرباب المصنّفات والأُصول من
الإماميّة ؛ حيث إنّ مقتضاه أنّ تأليف الفهرست لاستيفاء ما أراده شيوخ الطائفة من ضبط كتب أصحابنا ، وما صنّفوه من التصانيف والأُصول .
وقوله : «أصحابنا» ظاهر في الإماميّة ، وإن اتّفق من غير واحدٍ من الأصحاب في بعض الموارد تعميم «الأصحاب» لغير الإمامي ، بل عن الأصحاب استعمال «الصاحب» في غير الإمامي ، ويظهر الحال بالرجوع إلى الرسالة المعمولة في «ثقة» .
لكنّه قال بعد ذلك بفصلٍ يسير :
فإذا ذكرت كلّ واحد من المصنّفين وأصحاب الأُصول ، فلابدّ من أن أُشير إلى ما قيل فيه من التعديل والجرح ، وهل يعوّل على روايته أم لا ؟ وأُبيّن عن اعتقاده ، وهل هو موافق للحقّ أو مخالف له ؟ لأنّ كثيراً من مصنّفي أصحابنا وأصحاب الأُصول من الرواة الإماميّة ينتحلون المذاهب الفاسدة وإن كانت كتبهم معتمدةً . ۵
قوله : «من الرواة الإماميّة» مقتضاه اختصاص الفهرست ب «إلى» و «إيّاه» بل مقتضاه اختصاص ما عمله شيوخ الأصحاب بالرواة أيضاً ؛ لأنّه نسج على منوال ما نسجوه ، وجرى على تعميم أصحابنا في قوله : «مصنّفي أصحابنا» للإمامي وغيره ، بشهادة قوله : «ينتحلون المذاهب الفاسدة» وكذا قوله سابقاً على ذلك : «وأُبيّن عن اعتقادهم وهل هو موافق للحقّ أو مخالف له» ومع ذلك قد اعترف الشيخ بذكر سوء المذهب في بعض التراجم ، ولو كان الفهرست موضوعاً لذكر الإماميّين فكيف ذكر سوء المذهب في بعض التراجم ؟ ! وهذا عجب .
وبعد هذا أقول : إنّ مقتضى كلامه كفاية مجرّد وضع الكتاب لذكر أرباب الكتاب وإن لم يذكر الكتاب في ترجمة الراوي ، وهو محلّ الإشكال ؛ لاحتمال الاشتباه ، إلاّ أنّ يدّعى أنّ الاشتباه خلاف الظاهر .
وبعد هذا أقول : إنّ ذكر الكتاب في ترجمة الراوي وإن يكون كافياً في حسن الرواية لكنّه لا يكفي في اعتبار الرواية ، كما يظهر ممّا مر .
نعم ، يمكن القول باعتبار الرواية من جهة ذكر الطريق إلى الراوي وذِكْر مَنْ روى هو عنه ، لكنّه لا يصفو الوثوق إلى ما ذُكر في باب الاعتبار عن الغبار ، مع أنّ القول بالاعتبار في الباب خلاف طريقة الأصحاب .

1.رجال السيّد بحر العلوم ۴ : ۱۱۴ ، الفائدة ۱۰ .

2.قوله : «وفهرست عليّ بن عبيداللّه » فإنّه موضوع لذكر الرجال الذين عاصروا الشيخ الطوسي أو تأخّروا عنه ، وقد حرّرنا حال عليّ بن عبيداللّه في بعض الفوائد المرسومة في ذيل الرواية ، المعمولة في رواية محمّد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني (منه عفي عنه) .

3.أضفناه من المصدر .

4.الفهرست : ۱ .

5.الفهرست : ۲ .

صفحه از 520